من أفطر عمدا في نهار رمضان بدون عذر شرعي، فقد ارتكب إثما عظيما وكبيرة من الكبائر، فالصيام فريضة من فرائض الإسلام وركن من أركانه قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وقال صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس، وذكر منها: صوم رمضان).
قال الإمام الذهَبِي في كتاب (الكبائر): "وعند المؤمنين مقرَّر أنَّ من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض أنه شرٌّ من الزاني ومدْمِن الخمر، بل يشكون في إسلامه ويظنّون به الزندقة والانحلال" .
وقد جاء في السنة النبوية المطهرة ما يدل على الوعيد الشديد لمن ترك الصوم ومن ذلك ما رواه ابن خزيمة وابن حبان بسند صحيح عن أبي أمامة الباهليّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا أنا نائمٌ إذْ أتاني رجُلانِ فأخذا بِضبْعيَّ -الضَّبْع هو العضُد- فأتيا بي جبلاً وعِرًا، فقالا: اصعَدْ فقلت: إني لا أطيقه. فقالا: إنا سنسهله لك، فصعِدْتُ حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصواتٍ شديدةٍ، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشقَّقة أشداقُهم، تسيل أشداقهم دمًا، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يُفْطِرون قبل تَحِلَّة صومهم"
وقوله "قبل تحلة صومهم" معناه: يُفطرون قبل وقت الإفطار.
والواجب على من أفطر يوماً من رمضان بدون عذر أن يتوب إلى الله تعالى، وقضاء هذا اليوم الذي أفطره، ولا كفارة عليه.
وأما إن أفطر بالجماع في نهار رمضان عامدا ذاكرا مختارا فسد صومه، وعليه قضاء هذا اليوم والكفارة، هو وزوجته إذا كانت مطاوعة له في ذلك، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.
والكفارة عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينا، والأصل أن تخرج طعاما كما في سائر الكفارات لعموم الأدلة وما عليه جمهور الفقهاء، ويجوز إخراج قيمة الكفارات نقدا للحاجة والمصلحة الراجحة، وحيثما تكون المصلحة فثم شرع الله.
والدليل على ذلك: ما رواه البخاري ومسلم هريرة قال : بينا نحن جلوس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله هلكت فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :« ما لك ». قال : وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :« هل تجد رقبة تعتقها ». فقال : لا فقال :« فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ». قال : لا قال :« فهل تجد إطعام ستين مسكينا ». قال : لا فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال أبو هريرة فبينا نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ أتى بعرق فيه تمر والعرق المكتل فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :« أين السائل آنفا خذ هذا التمر فتصدق ». فقال الرجل : أعلى أفقر من أهلي يا رسول الله فو الله ما بين لابتيها يريد الحرتين أهل بيت أفقر من أهل بيتي قال فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أنيابه، ثم قال :« أطعمه أهلك ».
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل