هل كان دخول مصر فتحاً سلمياً أم غزواً عسكرياً؟
وماذا كان تأثيره على عقيدة الأقباط؟
الجزية.. لماذا؟
وهل كانت ستاراً لإكراه الأقباط؟
وهل من الصواب استعمال مصطلح "أهل الذمة" لوصف الأقباط .
ما الذى اختلف بين حكم المقوقس وحكم عمرو ابن العاص؟
مجمع "خلقدونية" وموقف أقباط مصر .
نشأة الكنيسة الأرثوذكسية .
ومن قبل ذلك:
عند تحرير القدس:
لماذا أصر البطريرك ألا تُسلم مفاتيح القدس إلا لعمر؟
وماذا تُمثل العهدة العمرية للفكر المعاصر؟
ولماذا أصر عمر بن الخطاب على أن يذكر فيها لفظ الصليب دون أن يكتفى بلفظ الكنيسة؟
وهل كان للمسجد الأقصى وجوداً عندما دخل عمر بن الخطاب القدس؟
قُلت في تقديم الجزء الأول من تلك الحلقات التي بلغت مائة حلقة أنني لا أختزل عمر بن الخطاب في ثياب مرقع ولا في شجرة يضجع تحتها اتقاء قيظ شمس دون أن يحرسه أحد ولا في جِوال دقيق يحمله فوق كتفه إلى عجوز أعوذتها الحاجة فوضعت بضع حجارة في قدر يغلي بالماء حتى تخمد ثورة أطفال يتضوعون جوعاً .
وقلت أنني ورغم رمزية تلك الحوادث العظيمة التي تناولتها برؤية معاصرة إلا أنني لم أرغب أن أضع هذا الخليفة الذى كان أول من لُقب بأمير المؤمنين في هذا الإطار الذي تمخض عن الروايات الكثيرة التي تحدثت عن سيرته كما لم تتحدث عن سيرة رجل بعده .
ورغم جاذبية تلك الروايات وقدرتها على دغدغة العواطف وقدرتها المذهلة على الاقناع إلا أنني لم ألجأ إليها إلا بحذر وبعد قراءة متأنية لأكثر من مرجع وحتى إذا تناولتها فقد اخضعتها للعقل والمنطق والتحليل باعتبار أنني أناقش سياسة حاكم أملت عليه ظروف دولته أن يتبع أسلوباً عند إدارتها كان العقل والمنطق حاضرين فيه بشكل ملحوظ وموسع .
لم أعتمد على النقل كثيراً ولا على الروايات التي تناولت فترة خلافة عمر وانتهجت أسلوباً يعتمد على الاستنباط والتحليل في المقام الأول وهو الأسلوب الذى أنحاز إليه دائماً عندما أشرع في الكتابة عن مثل هذه الموضوعات .
وقُلت وشددت أنني لا أكتب سيرة ولا أحب .. ولا أكتب عن قداسة ولا أحب .. ولا أكتب عن مسلمات ولا أحب .
إنما أكتب عن بشر يصيبون ويخطئون .. أكتب عن تجربة حكم برؤية معاصرة . وهكذا تناولت موضوعات كانت شائكة بالقدر الذى كان تجنبها أقرب إلى السلامة لكنني أبيت إلا أن أتصدى لها بالتناول . كان هذا ملحوظاً عندما تناولت واقعة اسلام عمر وكيف إنه انتقل إلى الإيمان عبر طريق الشك وهو أعظم الطرق وصولاً إلى الحقيقة وكان ملحوظاً عندما تناولت أحداثاً جسام مثل غزوة بدر ورأى عمر فى الأسرى و صلح الحديبية وغضب عمر بن الخطاب من بنوده وحروب الردة ومعارضة عمر لها وتجاوزت خالد بن الوليد التي أغضبت عمر وانتهت بعزله .. تكلمت عن دولة مدنية مرجعيتها الإسلام وعبقريتها تجلت فى شخص مثل عمر .
تناولت رؤيته في الحكم والتعددية وحرية الاعتقاد وموقفه من الأقليات وتنظيم القضاء وأنواعه ودرجاته والشرعية الإجرائية التي وُلدت على يديه والعدالة الاجتماعية وشئون الأسرة والعلاقات الخارجية وكل هذا برؤية معاصرة تجنبت فيها بكل ما أملك الإنصياع إلى جاذبية التقليد ويسره ورتابة الرواية وحمق النقل الأعمى .
تكلمت عن الحدود ورؤية عمر لها وكيف خرج على النص .
تكلمت عن الحديث ونهيه للصحابة عن الرواية والنقل عن رسول الله وكان أكثرهم أبو هريرة وقلت لماذا لم يجمع عمر الحديث بل ولماذا لم يرو عمر الحديث .
وهنا فى الجزء الثاني أجدني أدخل معترك أظن أنني قد أعددت له نفسي وأرجو ألا يخذلني ظني وكل ما أرجوه أن نكون موضوعيون حتى لا تضيع الفكرة وتتبخر وحتى لا تغلبنا غريزة التعصب فتحجب عنَّا الحقيقة . انتهجت ذلك وأنا وأعلم جيداً أن العقلية العربية وأنا أحمل جيناتها لا تتقبل بسهولة رأي يضرب قناعتها أو فكرة تخترق أبواباً موصدة على ما استقرت عليه ونحسبه من الثوابت بينما تكون الحقيقة عكس ذلك .
أعلم أن ذلك معترك وقد لامسته بنفسي عند مواضع كثيرة طرحتها مما سبق الإشارة إليه ولم يكن من السهل أن تتقبلها كل العقول وأتفهم ذلك جيداً .
عند التصدي لعملية بحث دقيقة فإن أدوات الباحث كثيرة لعل أهمها مسألتين:
فأما الأولى: فهى أن تكون لديه نظرة واسعة للأمور بحيث يحيط بكل جوانب المسألة التي ينصب بحثه عليها .
وأما الثانية: فهى أن تكون نظرته موضوعية غير منحازة إلا ما يمكن أن يمثل قناعته التي استقاها من تلك الموضوعية وهو شىء يجب أن نعترف أنه ليس يسيراً بل لعله أصعب ما يمكن أن يتحلى به الباحث لكنه رغم ذلك ليس مستحيلاً .
يقولون أن الحكمة ضالة المؤمن وأن الحقيقة هي ابنة البحث وأعلم أن السير عكس الاتجاه مرهق ومحفوف بالمخاطر لكنه أحياناً يكون مثل طوق
نجاة .
وأنا من الذين يبحثون دوماً عن طوق نجاة ..!