الجمعة 05 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

فقدت جامعة الأزهر علما من أعلامها المشهورين، أديبا، ناقدا، محققا، شهادا ومشاركا لمعظم نوادي العلم والأدب والنقد في مصر والعالم العربي لمدة تزيد عن نصف قرن من الزمان، لم يتوقف فيها قلمه عن الكتابة.

 

كان الأستاذ الدكتور السيد الديب - رحمه الله- صاحب منهج ورسالة، شغله التراث فحقق كثيرا من درره، وكان له من كل تحقيق غاية ورسالة يريد أن يبثها في عقول وشرايين الأمة مستثيرا ومستفزا لها كي تعتز بتراثها وتفتخر به في ظروف صار الهجوم على التراث ومحاولة هدمه ونقضه من قلة مردت على النفاق من أبناء جلدتنا، ومن يتكلمون بلغتنا، مستمرأة للشهرة من خلال هتك عرض تراث الأمة- صار هذا الهجوم هدفهم ومقصدهم الذي سخَّروا أنفسهم له.
وكان آخر ما قرأت له تحقيقه لديوان (منائح الألطاف في مدائح الأشراف) للإمام عبد الله الشبراوي شيخ الأزهر في العصر العثماني، طبع الهيئة العامة للكتاب
وكانت الرسالة التي أرادها أستاذنا- رحمه الله- من تحقيق هذا الديوان أن يقول لنا: لا تنخدعوا بما قاله المستشرقون وأذنابهم من المستغربين العرب عن أدب العصر العثماني من أن كله عصر جمود وصنعة وتكلف، فهناك من شعر هذا العصر من نافس شعر العصر العباسي، وتخطى عصره إلى العصر الحديث ليُتغنى به؛ لما فيه  من رقة وعذوبة ومعان جليلة، وهذه حقيقة نجدها في شعر الشيخ الشبراوي، فقد وصل الإعجاب به والتأثر بأسلوبه وما فيه من الرقة والعذوبة، أن تغنى بعدد من قصائده بعض المغنيين والمغنيات في هذا العصر، منهم سيدة الغناء العربي أم كلثوم، فقد تغنت بقصيدته، التي يقول فيها:

وحقك أنت المنى والطلب**.
                           وأنت المراد وأنت الأرب.

لي فيك يا هاجري صبوة**
                          تحير في وصفها كل صب.
رحم الله أستاذنا، شيخ شيوخ الأجيال، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، ببركة هذا الشهر الفضيل.

البقاء لله وحده.

إنا لله وإنا إليه راجعون

تم نسخ الرابط