هجرة الفراشات.. القصيدة الاخيرة لرفعت العراعير
استشهد الشاعر والأكاديمي والمترجم الفلسطيني رفعت العرعير مع العديد من أفراد عائلته في غارة إسرائيلية على منزل شقيقته شمال غزة الخميس 7/12/2023 استشهد في القصف شقيقه وشقيقته و اطفالهما الاربعة ، رفعت هو أحد قادة جيل من الكتاب الغزاويين الشباب الذين راهنوا على الكتابة بالإنجليزية لرواية قصصهم للجيل الذي لم يعرف القصة بعد على امل ان تستفيق الامة من سباتها الذي دام طويلا.
القصيدة الأخيرة للشاعر الفلسطيني رفعت العرعير (هجرة الفراشات)
"إذا كان لا بدّ أن أموت
فلا بد أن تعيش أنت
لتروي حكايتي
لتبيع أشيائي
وتشتري قطعة قماش
وخيوطاً
فلتكن بيضاء وبذيلٍ طويل
كي يُبصر طفلٌ في مكان ما من غزّة
وهو يحدّق في السماء
منتظراً أباه الذي رحل فجأة
دون أن يودّع أحداً
ولا حتى لحمه
أو ذاته
يبصر الطائرة الورقية
طائرتي الورقية التي صنعتَها أنت
تحلّق في الأعالي
ويظنّ للحظة أن هناك ملاكاً
يعيد الحب
إذا كان لا بد أن أموت
فليبعث ذلك على الأمل
فليكن ذلك حكاية"
ليأتي استشهاده بعدها بشهر اثر غارة جوية على منزله في حي الشجاعية رفقة أفراد عائلته، وكان قد تنبأ بذلك مسبقاً، وأراد ذلك صادقاً، ولذلك لم ينزح جنوباً كما فعل الكثير من الناس مطبقاً بذلك مقولة المسرحي الاسباني أليخاندرو كاسونا "واقفةً تموت الأشجار" واقفةً في مكانها.
لم يغادر رفعت رغم علمه بحتمية موته لأنه أدرك أن للإنسان جذوراً، وأنه كبعض النباتات يموت إذا نُقل من منبته لمنبتٍ آخر لقد أراد أن يتحول موته لقصة كما قال في قصيدته الأخيرة، قصة يفهم من خلالها العالم المتوحش معاناة شعبه الممتدة لثمانية عقود، وكأنه أراد أن يقول إذا كان الثمن موتي فليكن، المهم أن ينعم الأطفال بالحب، المهم أن تحل طائراتهم الورقية محل طائرات الدرون التي تُنذر بالموت والدمار.
رحلَ رفعت لكن ستبقى قصائده على لسان كل الشعوب، وكما ردد الناس قصائد محمود درويش وإبراهيم طوقان وعبد الكريم الكرمي عبر عشرات السنوات، فسيرددون قصائدكَ أنتَ أيضاً.
رحلَ الشاعر النبيل الذي كتبَ قصيدة وداعه، بهدوء كفراشةٍ ماتتْ في أطراف الحديقة، دون أن يعلم بموتها أحد.