الأربعاء 03 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

حينما تَحْكُم الأغلبية على شخص ما بأنه صاحب أخلاق فاضلة، وقيم عالية، بالإضافة إلى علمه الواسع المتشعب في ميادين العلم المختلفة، فهو لا بد أن يكون كذلك، والخلق هم شهود الله في الأرض.
ومن الشخصيات العلمية المتميزة، والقيادات المحترفة التي تركت بصمتها في موقعها الإداري حتى إنها ستتعب كل من يأتي بعدها،  والذي يشهد له بها كل من عرفه واقترب منه،  هو سعادة الأستاذ الدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا
ذلكم الرجل الذي من أهم صفاته أنه (جابر للخواطر) في صور وأشكال متعددة منها: بسمته الوضاءة التي يستقبل بها كل من يأتيه في مكتبه أو يلتقي به في أي مكان، إنها رسالته الإيجابية التي يبعث لكل من يقصده في حاجته ليقول له: اطمئن فحاجتك عندنا مقضية.
ودائما قلبه قبل مكتبه مفتوحان للجميع، يصغي إليك باهتمام، ويتفاعل مع مشكلتك بكل عناية، ويسعى إلى أن يجد لها حلا يستوي في ذلك الطالب والأستاذ.
تآلفت روحي مع روحه منذ أول لحظة التقيت به، وروحي تعودت منها أن لا تألف إلا أصحاب القلوب النقية الصافية، والهمم العالية، وقد تأكد هذا أثناء صحبتي له في إحدى السفريات، فقد جمعتنا معا رحلة طيران، تجاذبنا فيها أطراف الحديث، لم يتكلم فيه عن شيء في تخصصه ( أستاذ عظام)، وإنما كان كل حديثه في الفقه والتفسير، والحديث، وعلوم القرآن، والأدب( شعره ونثره)، وقضايا فلسفية وعقدية، وأدهشني حفظه وتدبره لآيات القرآن، كما أعجبتني فصاحته وقوة حجته، وكلما حاول أن ينهي حديثه أستدرجه للحوار حول قضية معينة بعيدة كل البعد عن تخصصه فأجده فيها بحرا زاخرا.
فذكرني ذلك بما علمناه عن علماء الأزهر في عصوره الزاهية حينما كان العالم لا يعطى هذا اللقب إلا إذا كان ملما بكل فروع العلم في عصره، وكذلك كل الفنون، وتخيلته وأنا أتحدث معه لو أنه كان يلبس الزي الأزهري لكان هو النموذج المثالي للشيخ أحمد الدمنهوري ذلكم الطبيب البارع الذي ألف في علوم الطب، كما ألف في علوم الشريعة، وكان في كليهما بحرا لا يجارى وكان يقال عنه: الشيخ المذهبي لتمكنه من المذاهب الفقهية الأربعة أكثر من تمكن أصحاب كل مذهب ثم كان الشيخ الدمنهوري هو أول طبيب يتولى مشيخة الأزهر.
كل هذه المعاني جالت بخاطري وهو يفيض علي بعلمه الواسع وبحفظه لكثير من متون علوم العربية وعلوم القرآن، ولا غرابة في ذلك بعدما اكتشفت أنه ورث علم أبيه الذي كان واحدا من أفضل شيوخ عصره.
إن الأستاذ الدكتور والشيخ العالم محمود صديق سيبقى مفخرة أزهرية نزهو بها على الدنيا، وسيبقى الأزهر به وبأمثاله شامخا عزيزا.
وهذه صورته عندما شرفنا بالمشاركة وإلقاء كلمة في جلسة افتتاح مؤتمر كلية اللغة العربية عام ٢٠٢٢م.
تحية تقدير واحترام إلى ذلكم العالم والشيخ الخلوق الذي دخل إلى قلوب وعقول كل من عرفوه وقصدوه.

تم نسخ الرابط