الخميس 07 نوفمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

مائدة مستديرة بعنوان فلسطين فى المسرح المصرى

خلال الندوة
خلال الندوة

 

  تحت رعاية وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلانى، والدكتور هشام عزمى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، عقد المجلس الأعلى للثقافة مائدة مستديرة بعنوان: (فلسطين فى المسرح المصرى)، نظمتها لجنة المسرح بالمجلس برئاسة الدكتور سامح مهران، وجاءت الجلسة الأولى تحت عنوان: (المسرح بين مصر وفلسطين علاقة تاريخية)، وبدأت الجلسة بمقطع فيديو قصير للشاعر الكبير فؤاد حداد من قصيدة مسحراتى القدس، وهى من إخراج الفنان أحمد إسماعيل، وأدار النقاش بهذه الجلسة الناقد الفنى محمد أحمد بهجت؛ رئيس قسم المسرح بجريدة الأهرام، وشارك فيها: الدكتور سيد على إسماعيل؛ أستاذ الأدب المسرحى بكلية الآداب جامعة حلوان، والناقد محمد الروبى؛ رئيس تحرير جريدة مسرحنا. 
فيما حملت الجلسة الثانية عنوان: (تناول القضية الفلسطينية فى المسرح المصرى)، وأدارتها الدكتورة سامية حبيب؛ وكيلة المعهد العالى للنقد الفنى بأكاديمية الفنون، وشارك فيها: الكاتب والناقد المسرحى أحمد عبد الرازق أبو العلا، والدكتور عمرو دوارة؛ المخرج والمؤرخ المسرحى، والكاتب والسيناريست الكبير محمد السيد عيد، والدكتور محمد سمير الخطيب؛ مدرس الدراما والنقد المسرحى بقسم الدراما والنقد المسرحى بكلية الآداب جامعة عين شمس، وتتواصل هذه الفعالية على مدار يومين متتاليين؛ حيث يقام مساء اليوم الخميس فى الثامنة مساءً بساحة الهناجرعرض بعنوان: (بأم عينى)، يقدمه الحكواتى الفلسطينى غنام غنام.


أكد الناقد محمد الروبى أن علاقة مصر بفلسطين سواء فى المسرح أو غيره من المجالات هى علاقة أكبر من حرف الواو (فلسطين - و - مصر) أو (مصر - و - فلسطين)؛ فالتاريخ والواقع يؤكدان ذلك، يقولان أن مصر فلسطين وفلسطين مصر، بل إن تاريخ الحروب المصرية يؤكد على تلك البديهية؛ فمصر لم تدخل حربًا طوال تاريخها الحديث إلا من أجل فلسطين التى هى مصر، وانتكست فى حربين وإنتصرت فى ثالثة، وما تزال ترفع شعارها الذى لا مساومة عليه (لا صلح لا إعتراف لا تفاوض)، رغم مرور ما يقارب نصف القرن على ورقة ظلت مجرد ورقة لا تعنى للشعب المصري شيئا سوى أنها ورقة ولا تساوى بالنسبة له ثمن الحبر الذى كتبت به. 
 لذلك كنت وما زلت لا استسيغ أبدًا تعبير (أنا أتضامن مع فلسطين) أو تعبير (أنا أدعم النضال الفلسطينى) أو غيرها من التعبيرات التي لا تليق – فى ظنه- بالحديث عن آلام الذات وأحلامها؛ فالتضامن أو الدعم فعل يخرج من غريب متعاطف، بينما نحن هنا على هذه الأرض الممتدة من البحر إلى البحر ومن المحيط إلى الخليج نلعق جرحنا لا جرح آخر نتعاطف معه، نقاوم عدونا (نحن) لا نساند أخر أُعتدى عليه، نبكى استلاب أرضنا (نحن) وإقتلاع أشجارنا (نحن) ونحتفظ بمفاتيح بيوتنا (نحن) ونؤمن إيمان لا شك فيه أننا سنعود حتمًا؛ لأن على هذه الأرض، أرضنا، ما يستحق الحياة، ما يستحق المقاومة، ما يستحق الإستشهاد، ومن هذه البديهية إنطلقت مسيرة العلاقة بين المسرحين (المصرى والفلسطينى)، بل إن بدايات المسرح فى فلسطين تتشابه مع بداياته فى مصر، فن جديد وافد مع مستعمر، يتعرف عليه أبناء الأرض، يستنتبتونه فى أرضهم الخاصة ويطعمونه بمفردات فرجتهم الشعبية. فرق تبدأ عبر إرساليات تبشيرية أجنبية، ثم تتكون فرق عربية خاصة، ثم تواجه هذه الفرق تعنت رقابى من قبل الإحتلال الحريص على تغييب المحتل، مقاومة وإصرار، محاولات لتطويع المسرح للهم الخاص رغم مقاومة ذلك من الطرف الآخر، وكأى مسيرة مسرحية عربية بدأت بالترجمة، ثم بالتقليد، ثم بالإقتباس ثم بظهور الخاص النابع منها، وفى هذه المسيرة لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل تأثير الفرق المصرية الزائرة وترك بصماتها على المسرح فيها، ويقول لنا التاريخ – الذى ستزيد معرفتنا به بعد قليل عبر حديث الباحث القدير الدكتور سيد على إسماعيل- أن فلسطين كانت المحطة الأهم فى قطار تجوال الفرق المصرية (جورج أبيض، يوسف وهبى، الكسار، ومن قبلهم وبعدهم الكثير)، وكان العرض المصرى الذى لا تتاح له فرصة العرض فى فلسطين هو عرض نقص منه الكثير؛ فالعرض ف فلسطين هو العرض الأهم خارج القطر المصرى.


كما تحدث مضيفًا أن ألفريد فرج مثلًا لم يكتب رائعته: (النار والزيتون) مدفوعًا بالتعاطف، بل بالتعبير عن الذات، وكذلك كان الشرقاوى فى وطنى عكا)، ومحمود دياب فى باب الفتوح ، ونجيب سرور فى (الذباب الأزرق) إلخ.. واستمر من بعدهم يسرى الجندى، ومحمد أبو العلا السلامونى، ورأفت الدويرى، وغيرهم وصولًا إلى الأجيال المعاصرة من كتاب المسرح المصرى، وكان كل هؤلاء ينطلقون فى كتاباتهم من شعور حقيقى وإيمان راسخ بأن تلك قضيتنا، بدون أدنى تعاطف أو شفقة، وفى المقابل لم يكف المخرجون المصريون، منذ الرعيل الأول وحتى الآن عن تقديم كتابات ونصوص كتاب وشعراء فلسطينيين؛ فشهدت الساحة المسرحية أعمالاً مسرحية عدة لأسماء مثل معين بسيسو، غسان كنفانى،هارون هاشم رشيد وصولاً إلى الجيل الأحدث مثل غنام غنام وغيره، كذلك يقول لنا التاريخ أن المسرح الفلسطينى  استفاد عرضًا ونصًا، من عروض ونصوص أكبر الأشقاء (المصريين) سواء بقراءات ما يصل إليهم من نصوص، أو بزيارات الفرق المصرية، أو بزيارة معاكسة للمشاهدة أو للعرض، أو حتى الدراسة فى معاهد مصر وكلياتها المختلفة، وهكذا حتى لا أطيل كان المسرح (كما كل جوانب الحياة) فلسطينى مصرى مصرى فلسطينى.
بينما تحدث خلال الجلسة التالية السيناريست محمد السيد عيد، متناولًا مسرح عبد الرحمن الشرقاوى؛ فتطرق إلى مسرحيات "الفتى مهران"، و"ثأر الله"، و"النسر الأحمر"، و"عرابى زعيم الفلاحين"، والتى قدمها الشرقاوى ما بين منتصف ستينيات القرن المنصرم وصولًا إلى مطلع الثمانينيات، موضحًا أن الشرقاوى اتخذ التراث ركيزة يقيم عليها بناءه المسرحى، كما أشار إلى العلاقة بين نصوص الشرقاوى المسرحية والتراث وكيفية توظيف التراث فى هذه الأعمال. 
ختامًا تحدث الدكتور محمد سمير الخطيب مؤكدًا تضامنه العميق مع القضية الفلسطينية، رافضًا كل المشاهد الدموية الإجرامية التى نفذتها يد الاحتلال الآثمة ضد شعب فلسطين فى غزة مؤخرًا، وارتقى على اثرها العديد من الشهداء الأبرار، وموضحًا أن هذا التضامن الذى يكنه هو وأبناء جيله تولد بالرغم من أنه لم يشهد أبرز صدامات الأمة العربية مع الاحتلال الصهيونى منذ نشأته، وتمثلت أهم المشاهد التى عايشها هو وأبناء جيله والتى تسببت فى تفجير حراك شعبوى عربى، كانت بالتزامن مع انتفاضة الأقصى، وتابع حول فن المسرح مستشهدًا بمسرحية (أرض الله) للكاتب المسرحى محمد عبد الحافظ ناصف، والتى اعتمد فيها على شخصية رئيسة، وهى شخصية (العز بن عبد السلام)، وأشار إلى إعجابه بهذا النص المسرحى (أرض الله) الذى اعتمد كاتبه فيه على أسلوب مسرح الإسقاط السياسى، وفى مختتم حديثه أكد أن الكاتب المسرحى محمد عبد الحافظ ناصف تناول فى هذا العمل المسرحى فكرة صراع العرب والمسلمين نتيجة لتباين الآراء، وطمع الحكام فى السلطة، مما أدى إلى ضعفهم وجعلهم مطمع وغنيمة سهلة للآخرين.

تم نسخ الرابط