لضمان المبادئ الإنسانية
الأونروا تقدم توصيات فى ٨مجالات مختلفة بمراكز الايواء بغزة
أفاد تقرير مجموعة المراجعة المستقلة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) بأن الوكالة وضعت عددا كبيرا من الآليات والإجراءات لضمان التزامها بالمبادئ الإنسانية، بالتركيز على مبدأ الحياد. وقال إنها تتبع نهجا للحياد أكثر تطورا من أي جهة أخرى مشابهة أممية أو غير حكومية.
وأشار التقرير إلى أن الأونروا وضعت إطار عمل للحياد عام 2017. وقال إنها منذ ذلك الوقت وضعت وحدثّت عددا كبيرا من السياسات والآليات والتدبير لضمان الامتثال لمبدأ الحياد، والاستجابة العاجلة والملائمة للادعاءات أو مؤشرات الانتهاكات، وتحديد وتطبيق عقوبات تأديبية على الموظفين الذين يثبت انتهاكهم لمبادئ الحياد.
وعلى الرغم من ذلك الإطار القوي، استمر ظهور قضايا تتعلق بالحياد، منها حالات عبر فيها موظفون علنا عن آراء سياسية، ووجود كتب مدرسية للدول المضيفة بها محتوى يثير القلق يُستخدم في بعض مدارس الأونروا، واتحادات عمال مُسيسة.
وقال التقرير: "في ظل غياب حل سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين، تبقى الأونروا محورية في تقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة والخدمات الاجتماعية الأساسية وخاصة في الصحة والتعليم للاجئين الفلسطينيين في غزة والأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية".
وأضاف أن الأونروا لا يمكن استبدالها أو الاستغناء عنها للتنمية البشرية والاقتصادية للفلسطينيين، وأن الكثيرين يرونها شريان حياة إنسانيا.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة- بالتشاور مع المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني- قد أعلن عن المراجعة المستقلة في 5 شباط/فبراير 2024، بقيادة كاترين كولونا التي عملت في إطار هذه المراجعة مع ثلاث منظمات بحثية هي معهد راؤول والنبرغ في السويد، ومعهد ميشيلسن في النرويج، والمعهد الدنماركي لحقوق الإنسان.
جرت المراجعة الخارجية المستقلة بالتوازي مع تحقيق يقوم به حاليا مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية حول ادعاءات تورط 12 موظفا لدى الأونروا في هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وحددت المراجعة المستقلة في تقريرها النهائي تدابير لمساعدة الأونروا في التعامل مع التحديات الماثلة أمام حيادها، في 8 مجالات مهمة تتطلب إدخال تحسينات فورية وهي:
الانخراط مع المانحين
شدد التقرير على أهمية تحسين التواصل مع المانحين، وتعزيز الشفافية والتشاور معهم لبناء الثقة وتقوية الشراكة.
الحوكمة
أشار التقرير إلى أن الأونروا ليس لديها مجلس تنفيذي، وأن اللجنة الاستشارية تقوم فقط بتقديم النصح للوكالة. وقال إن الأونروا يمكن أن تستفيد من وجود هيكل قوي للإدارة يدعم جهود قيادتها. وشدد التقرير على ضرورة أن يدعم المجتمع الدولي الأونروا في التعامل مع قضايا الحياد عبر هياكل الإدارة تلك.
هياكل الإدارة والرقابة الداخلية
أشاد التقرير بجهود الأونروا في إصلاح الإدارة والرقابة الداخلية، وأكد ضرورة توسيعها. وأشار إلى التعهدات التي أعلنتها الإدارة العليا للأونروا، لعدد من المانحين، بما فيها خطة عمل في آذار/مارس تتعلق بعدة مبادرات. وأكد ضرورة تطبيقها.
حياد الموظفين وسلوكياتهم
وفق التقرير تواجه الأونروا تحديات بسبب التسييس المتزايد بين موظفيها بما يؤثر على حيادها. وأكد أهمية استراتيجيات المنع ورصد الامتثال بما يتوافق مع القواعد المتعلقة بالموظفين الدوليين والمحليين ومعايير السلوكيات ذات الصلة بالإضافة إلى الاستجابة الملائمة للانتهاكات المحتملة.
وفي سياق متصل، ذكر التقرير أن الأونروا تشارك قائمة موظفيها بأسمائهم ووظائفهم، بصورة سنوية مع الحكومات المضيفة في لبنان والأردن وسوريا، ومع إسرائيل والولايات المتحدة بشأن الموظفين في القدس الشرقية وغزة والضفة الغربية.
وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية لم تبلغ الأونروا بأي مخاوف تتعلق بأي من موظفي الأونروا بناء على تلك القوائم منذ عام 2011.
حياد المرافق
أشار التقرير إلى إساءة استخدام مرافق الأونروا في بعض الأحيان لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية، بما قوّض حيادها. وقال إذا كان منع إساءة الاستخدام السياسي للمرافق والاستجابة له فعالا، فإن الوكالة تواجه صعوبات أكبر في التعامل مع إساءة الاستخدام لأغراض عسكرية. وأكد ضرورة وضع تدابير لمنع ذلك وتحسين الرصد والإبلاغ الشفاف.
حياد التعليم
أكد تقرير مجموعة المراجعة المستقلة أهمية النظام التعليمي للأونروا لمئات آلاف الأطفال الفلسطينيين. وقال إن الأونروا أحرزت تقدما كبيرا خلال السنوات الأخيرة للتعامل مع المخاطر المرتبطة بالترويج لخطاب الكراهية والعنف في الكتب المدرسية والفصول.
وأشار إلى تقارير أفادت عبر أعوام كثيرة باحتمال استخدام المدارس لنشر وجهات نظر سياسية بما فيها محتوى معاد للسامية، وينتهك مبادئ الحياد، وعدم احترام مبادئ اليونسكو وقيم الأمم المتحدة.
وقال إن الأونروا طبقت تدابير لمواجهة تلك القضية، بما في ذلك تأسيس نهج للتفكير النقدي ورقمنة منهجها. وأضاف أن أي كتب مدرسية تنشر وجهات نظر معادية للسامية أو تروج للتمييز والتحريض على الكراهية والعنف تتناقض مع قيم الأمم المتحدة ومعايير اليونسكو.
وفي غزة والضفة الغربية، قال التقرير إن مثل تلك الكتب هي كتب السلطة الفلسطينية، ولكن ذلك "لا يعفي الأونروا من مسؤولياتها" عند استخدامها في مدارسها أو المدارس التي تمولها. وشدد على ضرورة أن تطبق الوكالة "سياسة عدم التسامح مطلقا" مع تلك القضية.
حياد اتحادات الموظفين
عبر السنين، كما قال التقرير، استخدمت الفصائل السياسية اتحادات موظفي الأونروا للضغط على قيادة الوكالة والتأثير على قرارات تقديم الخدمة أو تنفيذ المشاريع. وأكد أن هذا ليس دور اتحادات الموظفين. وقال التقرير إن تسييس تلك الاتحادات يعد من أكثر مسائل الحياد حساسية ويحتاج معالجة بدعم كامل من اللجنة الاستشارية للأونروا.
تعزيز الشراكة مع وكالات الأمم المتحدة
مع الأخذ في الاعتبار الأزمة المستمرة في غزة ومع الاحترام الكامل لولاية الأونروا، حدد التقرير عددا من التدابير المؤقتة التي يمكن أن تُتخذ لمساعدة الأونروا في ضمان توصيل المساعدات المنقذة للحياة للفلسطينيين منها تعزيز مشاركة الأونروا في نظام التنسيق الإنساني، وإحداث تغيير في طريقة التفكير داخل الوكالة بشأن العلاقة ببقية أعضاء مجتمع العمل الإنساني.
وكما جاء في ملخص التقرير فإن التدابير التي تقع تحت كل مجال، مُصممة لمساعدة الأونروا على التعامل مع تحديات الحياد النابعة من البيئة التشغيلية والسياسية والأمنية التي تعمل فيها. وبالنظر إلى السياق السياسي المتفرد، قال التقرير إن تلك التدابير لن يكون لها تأثير كبير إلا إذا طُبقت بدعم من الدول المضيفة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وأعربت كاترين كولونا رئيسة مجموعة المراجعة المستقلة عن ثقتها بأن تطبيق تلك التوصيات سيساعد الأونروا على الوفاء بولايتها.
رد فعل الأمين العام
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن امتنانه وتقديره للسيدة كاترين كولونا، التي قدمت له يوم السبت تقريرها النهائي بصفتها رئيسة مجموعة المراجعة المستقلة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا).
وأعرب أنطونيو غوتيريش عن قبوله للتوصيات الواردة في التقرير، واتفق مع المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني على أن الأونروا- وبدعم من الأمين العام- ستضع خطة عمل لتنفيذ التوصيات الواردة في التقرير النهائي الذي صدر تحت عنوان "مراجعة مستقلة للآليات والإجراءات لضمان التزام الأونروا بمبدأ الحياد الإنساني".
وأعرب الأمين العام عن امتنانه لمؤسسات البحث التي شاركت في مجموعة المراجعة المستقلة، وهي معهد راؤول ولينبرغ ومركز حقوق الإنسان ميشيلسن، والمعهد الدنماركي لحقوق الإنسان، للأبحاث المهمة التي أجروها.