قوات الاحتلال تشن غارة برية قصيرة على غزة قبل توغل المتوقع
شنت قوات إسرائيلية بالدبابات توغل بري قصير على شمال غزة مساء الخميس، حسبما أعلن الجيش، وقصفت عدة أهداف لنشطاء من أجل ”تحضير ساحة المعركة” قبل غزو بري متوقع على نطاق أوسع بعد أكثر من أسبوعين من الغارات الجوية المدمرة.
جاءت الغارة بعد أن حذرت الأمم المتحدة من أن الوقود على وشك النفاد في قطاع غزة، ما أجبرها على تقليص جهود الإغاثة بشكل حاد في القطاع، الذي يقع أيضًا تحت حصار كامل منذ أن تسبب هجوم حماس واسع النطاق عبر جنوب إسرائيل إلى اشتعال الحرب في وقت سابق من هذا الشهر.
تكافح المستشفيات في غزة من أجل علاج أعداد كبيرة من الجرحى بموارد متضائلة. وقال مسؤولو الصحة إن عدد القتلى ارتفع مع قصف الطائرات الإسرائيلية لغزة. وقام عمال الصحة بانتشال قتلى وجرحى من المدنيين، بمن فيهم العديد من الأطفال، من بين الأنقاض في انحاء القطاع.
عدد القتلى في غزة لم يسبق له مثيل في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود. وقد تقع خسائر أكبر في الأرواح إذا شنت إسرائيل هجوما بريا متوقعا يهدف إلى سحق حماس، التي تحكم غزة منذ عام 2007 ونجت من أربع حروب سابقة مع إسرائيل.
قالت وزارة الصحة في غزة التي تسيطر عليها حماس يوم الأربعاء إن أكثر من 750 شخصا قتلوا خلال الـ 24 ساعة الماضية، وهو أعلى من 704 قتلوا في اليوم السابق. لم تتمكن وكالة الأسوشيتدبرس من التحقق بشكل مستقل من عدد القتلى، كما أن الوزارة لا تميز بين المدنيين والمقاتلين. بالمقارنة، قُتل 2251 فلسطينيًا، معظمهم من المدنيين، في الحرب التي استمرت ستة أسابيع في عام 2014، وفقا لاحصائيات الأمم المتحدة.
يقول الجيش الإسرائيلي إنه لا يقصف إلا أهدافا للمسلحين ويتهم حماس بالعمل وسط المدنيين في قطاع غزة المكتظ بالسكان.
قال الجيش انه خلال العملية التي جرت أثناء الليل استهدفت البنية التحتية للمتشددين ومواقع إطلاق صواريخ مضادة للدبابات. ولم ترد تقارير فورية عن سقوط ضحايا في صفوف أي من الجانبين.
في الوقت نفسه، قصفت غارة جوية مبنى سكنيا في بلدة خان يونس الجنوبية في وقت مبكر من يوم الخميس. وتدفقت سيارات الإسعاف إلى مستشفى ناصر القريب، لكن لم ترد أنباء رسمية عن الضحايا.
وقال أفراد إن المبنى كان يضم 75 شخصاً، من بينهم 25 من اقاربهم النازحين.
تقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 6500 فلسطيني قتلوا في الحرب. ويشمل هذا العدد حصيلة متنازع عليها ناجمة عن انفجار مستشفى الأسبوع الماضي.
أدى القتال إلى مقتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل، معظمهم من المدنيين الذين قتلوا خلال هجوم حماس الأولي، وفقا للحكومة الإسرائيلية. كما تحتجز حماس نحو 222 رهينة في غزة.
أثار التحذير الذي أطلقته وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بشأن استنفاد إمدادات الوقود قلقا من أن الأزمة الإنسانية قد تتفاقم بسرعة.
كما يعاني سكان غزة من نقص الغذاء والماء والدواء.
وفر نحو 1.4 مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم، واحتشد نصف هذا العدد تقريبا في ملاجئ تابعة للأمم المتحدة. ولا يزال مئات الآلاف في شمال غزة، رغم أن إسرائيل أمرتهم بالانتقال إلى الجنوب، قائلة إن أولئك الذين بقوا قد يعتبرون ”متواطئين” مع حماس.
في الأيام الأخيرة، سمحت إسرائيل لأكثر من 60 شاحنة محملة بالمساعدات بالدخول من مصر، وهو ما يقول عمال الإغاثة إنه غير كاف ولا يمثل سوى جزء صغير مما كان يتم جلبه قبل الحرب. ولا تزال إسرائيل تمنع تسليم الوقود – اللازم لتشغيل مولدات الطاقة – قائلة إنها تعتقد أن حماس ستصادره.
وصرح مسؤول في اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها تأمل في جلب ما يقرب من ست شاحنات مليئة بالإمدادات الطبية الحيوية.
وأوضح ويليام شومبورغ، مدير البعثة الفرعية للجنة الدولية في غزة، أن ”هذا قدر صغير مما هو مطلوب، وهو قطرة في محيط إذا صح التعبير، نظرا لخطورة عواقب أعمال العنف خلال الأسبوعين ونصف الأسبوع الماضيين”.
وتابع ”اليوم، نتطلع إلى وصول ثماني إلى عشر شاحنات. لدينا المزيد من الشاحنات المنتظرة... نحن نحاول تأسيس عملية إمداد.”
قامت الأونروا بتقاسم إمدادات الوقود الخاصة بها حتى تتمكن الشاحنات من توزيع المساعدات، والمخابز من إطعام الناس في الملاجئ، وتحلية المياه، وجتى تتمكن المستشفيات من الحفاظ على عمل الحضانات وأجهزة دعم الحياة وغيرها من المعدات الحيوية.
وقالت تمارا الرفاعي، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، للأسوشيتدبرس، إنه إذا استمرت الوكالة في القيام بكل ذلك، فسوف ينفد الوقود بنهاية يوم الخميس، لذا فإن عليها أن تقرر كيفية تقنين إمداداتها.
وتابعت ”هل نعطي (الوقود) للحضانات أم للمخابز؟.. إنه قرار مؤلم.”
وقالت منظمة الصحة العالمية إن أكثر من نصف مرافق الرعاية الصحية الأولية في غزة ونحو ثلث مستشفياتها توقفت عن العمل.
وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود أن نقص الأدوية والمياه النظيفة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة أدى إلى معدلات عدوى ”مثيرة للقلق”. وأضافت أن عمليات البتر غالبا ما تكون مطلوبة لمنع انتشار العدوى بين الجرحى.
وتحدث أحد الجراحين في المنظمة عن اجراء عملية بتر نصف قدم صبي يبلغ من العمر 9 سنوات مع ”تخدير طفيف” فقط على أرضية الردهة بينما كانت والدته وشقيقته تشاهدان ذلك.
وفي غضون ذلك، أعلن الجناح العسكري لحماس، يوم الخميس، أن القصف الإسرائيلي أدى حتى الآن إلى مقتل حوالي 50 من بين 224 رهينة على الأقل تحتجزهم الحركة منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين أول.
ولم يصدر بعد أي تعليق عن المسؤولين الإسرائيليين الذين نفوا مزاعم مماثلة سابقة.
ومن ناحية أخرى، أصدرت تسع دول عربية – منها حلفاء رئيسيون للولايات المتحدة ودول أبرمت معاهدات سلام أو تطبيع مع إسرائيل – بيانا مشتركا، يوم الخميس، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء استهداف المدنيين وقتلهم.
وورد في البيان، الذي وقعت عليه كل من مصر والأردن والبحرين والإمارات والسعودية وعمان وقطر والكويت والمغرب، أن ”الحق في الدفاع عن النفس بموجب ميثاق الأمم المتحدة لا يبرر الانتهاكات الصارخة للقانون الإنساني والدولي”.
الدمار الذي لحق بغزة جراء ثلاثة اسابيع من القصف ظهر من خلال صور التقطتها اقمار صناعية لعدد من المواقع قبل الحرب ومنذ ايام قليلة.
صفوف كاملة من المباني السكنية اختفت ببساطة من الصور، او تحولت الى مجرد غبار وركام. مبنى مكون من 13 طابقا يطل على البحر تحول الى كومة تراب قرب مخيم الشاطئ للاجئين بمدينة غزة، مخلفا فقط واجهات قليلة مشوهة. وفي نفس الشارع لم يبق شيء آخر في ما كان حيا يضم منازل من طوابق قليلة، وفق ما اظهرت صور ماكسار تكنولوجيز.
وسوت غارات جديدة يوم الخميس بالارض اكثر من ثمانية منازل لعائلة ممتدة واحدة، وقتل جراءها ما لا يقل عن 15 شخصا في مدينة خان يونس جنوبي القطاع.
وعقب تصريح الرئيس الامريكي جو بايدن بأنه “لا يثق” في احصائيات غزة للضحايا، ردت وزارة الصحة الفلسطينية بإصدار تقرير من 200 صفحة، يضم اسماء 6747 قتيلا، اضافة الى الجنس والسن. وقالت ان 281 آخرين لم يتسن التعرف عليهم، وإن مئات آخرين لازالوا مفقودين تحت الركام، ولم يتم تضمينهم في الاحصاء.
وفي الضفة الغربية المحتلة اعتقلت السلطات الاسرائيلية 86 فلسطينيا، بينهم خمس نساء، في عدة مداهمات ليلية. وبذلك يصل اجمالي المعتقلين الى اكثر من 1400، وفق نادي الاسير الفلسطيني، الذي يمثل اسرى حاليين وسابقين.
وقتل ما لا يقل عن 104 فلسطينيين جراء العنف في الضفة الغربية.