ads
الجمعة 22 نوفمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

 محبَّةُ العبدِ لله مقامٌ، ومحبةُ الله للعبد مقامٌ أعلى وأشرف؛ فهو غاية ما يطلبه العُـبَّادُ بالدنيا، فإذا تفضل الله به على عبد عطَّل جوارحَه ليكون سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يُبصر به ،  ويدَه التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فيُصبحُ العبدُ وقد تجرد لله، معرضا عمن سواه، لا يحب إلا طاعتَه، ولا يؤْثر إلا خدمته، ولا يسعى إلا في رضاه.
وفي الحديث القدسي:"فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ" صحيح البخاري/6502 
إنه مقامُ تييسرِ الأسباب، وتهوين الصعاب، والهدايةِ لفعل الخيرات.
 مقامٌ يختار الله لك فيه جميع أمورِك، ويتولى سياسة همومِك.
إنه مقام الإكرامِ والإعلاءِ، والنصرِ والإغناء، والهداية والصفاء وكشف الحجب عن البصائر.
ألا يستشرف قلبك لهذا المقام ؟
إذا تطلعت نفسك، واستشرف قلبك لتكون من المقبولين بهذا المقام، فعليك بملازمة أبوابه، محسنا الظن بالله، وموقنا بكرمه، وجودِه وإحسانه.  
وكيف لا يقبلُك وهو يفرح بتوبتك وأوْبتك أشد من فرحِ رجل بعودة راحلته،عليها طعامُه وشرابه، بعدما ضاعت منه في أرضٍ فلاة، ففقد بضياعها كلَّ أمل في النجاة،إنَّ عودتَها عودةٌ لحياته ودنياه. قال صلى الله عليه وسلم:" اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلَاةٍ " صحيح البخاري/6309
اطرق باب التوبة، فالله يحب التوابين .
 طهر قلبك من خواطر المعاصي، وهواجس السوء، وقبيح الصفات، ونقِّهِ من الخبْث، والحسد، وسوء النوايا، ثم اطرق باب المتطهرين؛ فالله يحبهم." إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ"البقرة/222
توكُّل على الله، وفوضه أمورك، عوِّل عليه، التجئ إليه، واطَّرِحْ جميع الخلائق، ولا ترجو إلاه، فالتوكل أمارةُ صدقٍ، وانكشافٌ على قدرته وعظمته وغناه، وإدراكٌ لفقر الخلق كلِّهم إلى رضاه؛ استسلم له، وتوكل عليه، ثم اطرق باب التوكُّل،" إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ "آل عمران/159
واظب على أداء الفرائض، وأكثر من النوافل فذلك مما يوجب محبة الله لك، وقربَه منك،ففي الحديث القدسي :" وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ"صحيح البخاري /6502
اكبح زمام نفسك عن الإسامة في الشهوات والمعاصي، وعوِّدْها الصبرعلى الطاعة، حتى يصير الصبر من سجاياك، ثم اطرق الباب الصبر، " وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّٰبِرِينَ"آل عمران/146
اتق الله في أقوالك وأفعالك، وكن من المنصفين، والزم الحق والصدق والعدل مع من تحب ومن لا تحب ،ثم اطرق باب القسط ،" إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ " المائدة /42
تلكم أبواب مقام حب الله للعباد .
 فالمحسنون ،والتوابون ، والمتطهرون ، والمتقون ، والصابرون ،والمقسطون ،والذين يقاتلون في سبيله دفاعا عن الوطن،عن الحق، عن الأرض، عن العرض صفا كأنهم بنيان مرصوص، هم من يتفضل الله عليهم بمقام حبه.
 فاجتهد لتكون منهم .
اللهم اجعلنا من التوابين . اللهم اجعلنا من المحسنين، اللهم اجعلنا من المقسطين.  
واحفظ اللهم مصرنا من كيد الكائدين .
[email protected]

تم نسخ الرابط