ads
الجمعة 22 نوفمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

              
يؤلمني كثيرا ما أراه هذه الأيام من كثرة حالات الطلاق في مجتمعاتنا الشرقية، وخاصة في السنة الأولى من الزواج؛ نظرا لاختلاف الطبائع بين الزوجين، وإهمال كل من الزوجين أو أحدهما التعبير عن مشاعره وعواطفه تجاه الطرف الآخر، هذا بالإضافة إلى انشغال كِلا الزوجين بالعالم الافتراضي الذي يعيشه مع أصدقائه على وسائل التواصل الاجتماعي. وما ذلك إلا نتاج الرفاهية التي نشأ عليها الزوجان، فعظُم عند كل واحد منهما حبه لذاته على حساب أي إنسان آخر مهما كانت درجته، متناسيا حقوق أصحاب الحقوق عليه، وفي الكثير الغالب جاهلا بها. 
  ولو أدرك كل من الزوجين قيمة هذا الميثاق الغليظ الذي ربط بينهما، ولمّ شملهما، ولو علما أن الله تعالى ما سماه غليظا، إلا لقوته في توثيق العلاقة بينهما، وتقبيح نقضه بغير وجه حق، لَمَا تعجلا الطلاق، ولصبرا على المعيشة، وأكملا الحياة معا يدا بيد. فما الفرق بين الزواج في الماضي والحاضر إلا احترام هذا الميثاق الغليظ أما المشكلات فواحدة على الرغم من تغير أسمائها. 
وإذا كان رب العزة – سبحانه وتعالى ــ حث الزوج على احترام هذا الميثاق في حالة الطلاق، فطلب منه إكرام المرأة، وإعطائها جميع حقوقها، مذكرا له بالميثاق الغليظ الذي ربط بينه وبين زوجته، فقال - جل وعلا -  {وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٖ مَّكَانَ زَوۡجٖ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارٗا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا (٢٠) وَكَيۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا ‌غَلِيظٗا (٢١)} (النساء). 
وقد جاء في تفسير الطبري: أنّ "الميثاق الغليظ " الذي أخذه الله للنساء: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وكان في عُقْدة المسلمين عند نكاحهن: " أيْمُ الله عليك، لتمسكن بمعروف ولتسرحَنّ بإحسان ".
فلنتق الله تعالى في أبنائنا، ولنربهم على أن الزواج عقد شركة قوي بين اثنين، كل واحد منهما عليه أن يسعى جاهدا لإنجاح هذه الشركة وإسعاد شريكه، وذلك يكون بالحب والعطاء والتكامل والتفاني وإنكار الذات، حتى يوفقهما الله تعالى ويبارك لهما في شركتهما، فقد ورد في سنن البيهقي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ‌أَنَا ‌ثَالِثُ ‌الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا ". 
فإهمال أحد الزوجين لزوجه وبيته خيانة، وإهمال تربية الأطفال على القرآن والسنة خيانة، وعدم حفظ الأموال والأوقات والأعراض من كلا الزوجين خيانة، وعدم إعانة كل منهما للآخر على آداء الفرائض الدينية خيانة، وتقصير كل منهما في بر والديه دون أن يعينه شريكه خيانة، وعدم مراعاة كلا الشريكين لمشاعر وأحاسيس الشريك الآخر خيانة.  
فلنتق الله تعالى في الحفاظ على شركتنا ليباركها الله تعالى وينميها، فتؤتي ثمارها على الوجه الذي أراده الله تعالى . 

 

تم نسخ الرابط