الخميس 07 نوفمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

يحتفل الناس كيف ما كانت ديانتهم وكيف ما كانت ثقافتهم في الأول في شهر مايو من كل عام  بيوم العمال  العالمي، ونحن عندما نتناول قضية العمل وأهميته ننطلق من الشريعة الإسلامية التي تبين الحقوق ،وتوضح لكل صاحب حق حقه ،ولكنها تبين الواجبات أيضًا ،الناس يتحدثون عن الحقوق ويطالبون بها وهذا شيء مشروع، لكن قبل ذلك ينبغي أن يسأل الانسان نفسه عن واجبه ، وما الذي يجب أن يفعله تجاه مجتمعه؟ فعملك عبادة في سبيل الله والوطن، ولأن ديننا عمل وعبادة فينبغي علينا أن نكون أمة عمل وإنتاج وأمة عطاء ،ولذا فالعمل قضية من القضايا المهمة التي تمس حياة الإنسان مباشرة ، فشريعتنا الإسلامية  لا تحابي أحدًا وإنما تضع الحلول وتضع ما يمكن أن يعالج القضايا فنجد توجيهات مهمة تعالج التراخي عن العمل وعدم إدراك أهميته ،ونذكر هنا موقف سيدنا عمر رضي الله عنه عندما دخل المسجد فرأى أناسًا عاكفين عاطلين عن العمل متفرغين للعبادة قال: ما الذي أجلسكم ؟ قالوا :جلسنا نطلب من الله وندعوه أن يرزقنا ، فعلاهم بالدرة ،وطردهم ،وقال لهم اذهبوا إلى العمل فإن السماء لا تمطر ذهبّا ولا فضة،والدرة هي سوطه الذي يضرب به ، وكانت لها وقع في نفوس الناس ؛لأنها بالحق ولأنه كان ناصحًا أمينًا، أراد سيدنا عمر هنا أن يعمل هؤلاء ،لأن هناك أناس يحتاجون إلى تشجيع و يحتاجون إلى من يشجعهم حتى يدخلوا في معترك الحياة، وألا يظلوا على جنباتها يتواكلون على غيرهم ، هذا ما أراده الفاروق أراد أن يعلنها أمام شباب الأمة ، ليبعث فيهم همة عالية وهذه فلسفة إسلامية عظيمة ،وما أحوج المجتمع الآن للتشجيع على العمل لنهضته وتقدمه ،وهذا ليس عمل الحكومات فقط، وإنما هو عمل  المجتمع كله ،وحينما قال إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة فهو يؤكد ذلك؛ أي أنه لا يمكن للإنسان أن يحقق  ما يريد دون أن يعمل للحصول عليه ،أقول نعم ولكن السماء تمطر ذهبًا وفضة عندما تعطي العمل حقه وتأخذ بأسباب الرزق ،قال تعالى {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ} الملك الآية 15 ،
و العمل هو الثمن الذي يجب أن يدفعه كل منا مقابل الحصول على المال الحلال فالمال الحلال في اليد له طمأنينة وهناء ،فالعمل من أهم أسباب السعادة فيجد الانسان من السعادة حين يكسب المال الحلال ما لا يجده حين يسأل الناس يتسول  أو يقترض من غير وجه حق ،
لذلك لا يجز السؤال إلا للمحتاج ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مُزْعَة لحم».  [صحيح -متفق عليه] علمنا الفاروق -رضي الله عنه- في هذا الموقف أن التوكل على الله في طلب الرزق يحتاج إلى العمل أيضًا ، فهناك فهم خاطئ  الآن أصبحنا نراه فنجد أن كثيراً من الشباب ممن لا يدرك معنى التوكل على الله في طلب الرزق تجده يجهل أموراً كثيرة في هذا المعنى؛ لأن الأمر  ربما يكون صعب أحيانًا ،ولكن ذلك لا يجيز ولا يبيح لهم أن يتواكلوا و يسألوا الناس أو أن يعتمدوا على غيرهم ،وينبغي على المؤمن  أن يكون إيجابيًا في هذه الحياة ؛ لذلك لابد أن ينظر الإنسان في الواقع الذي يعيش فيه وفي الظروف التي تعيشها الأمة والعالم كله ،ولأهمية العمل عند الله عز وجل اعتبره نوعا من أنواع الجهاد وذلك في قوله تعالى: (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ). 
والآن تعالوا إلى المعلم الأول معلم الأجيال سيدنا محمد نعيش معه في موقف روته كتب السنن كان له آثاره في المجتمع الإسلامي الأول أراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يعلم الأمة في شخص هذا الشاب الصحابي الذي مر أمامه هو وأصحابه، أن من يسعي ليطلب رزقاً ليعيل أولاده أو أبويه  أو حتى ليعف نفسه عن الحرام ،فهو في سبيل الله ومأجور على ذلك حين يقصد به وجه الله تعالى ،فعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قالَ: «”مَرَّ عَلى النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ فَرَأى أصْحابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِن جَلَدِهِ ونَشاطِهِ فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ كانَ هَذا في سَبِيلِ اللَّهِ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ إنْ كانَ خَرَجَ يَسْعى عَلى ولَدِهِ صِغارًا فَهو في سَبِيلِ اللَّهِ، وإنْ كانَ خَرَجَ يَسْعى عَلى أبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهو في سَبِيلِ اللَّهِ، وإنْ كانَ خَرَجَ يَسْعى عَلى نَفْسِهِ يُعِفُّها فَهو في سَبِيلِ اللَّهِ، وإنْ كانَ خَرَجَ يَسْعى رِياءً ومُفاخَرَةً فَهو في سَبِيلِ الشَّيْطانِ ”»  .أخْرَجَه الطَّبَرانِيُّ

تم نسخ الرابط