الإثنين 01 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

خمسون عاماً ما بين السادس من أكتوبر ٧٣ وطوفان الأقصى، ولكن في الواقع  هنالك فروقاً و تداعيات أكبر من هذا العمر حتى أستطيع القول بأن الطوفان غير الخريطة العالمية على الصعيد السياسي والعسكري وقدم  المبرر لنستدعي الأحداث بالفحص والدرس، في أكتوبر ٧٣ كان يحكم العالم آنذاك معسكران:  الغربي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية والشرقي يقوده الإتحاد السوفيتي، بينما في الطوفان يقبع العالم تحت القطب الأمريكي الحليف الأول للكيان، في أكتوبر٧٣ كانت على الجبهة العربية الجيوش المصرية والسورية  وبعض القوات العربية وهي بطبيعة الحال جيوش نظامية محترفة وعلى مستوى عالٍ من  الكفاءة ، تقف خلفهم دول الخليج بسلاح النفط وظلهم الدولي الإتحاد السوفيتي ، بينما أصحاب الطوفان لا سند لهم أو ظهير على الأرض، إن هم إلا صفوة من الرجال المجاهدين نذروا حياتهم ثمناً زهيداً للدفاع عن الأقصى وتحرير الأرض ، لم يلتحق أيٌ منهم بكلية أو أكاديمية عسكرية، أحسب أن أول عهدهم بالكفاح المسلح كان في ثمانينات القرن الماضي وتسلحيهم المسدس والمتفجرات التقليدية، يقاتلون بصدور عارية وسماؤهم مكشوفة، بيد أن عزيمتهم عزيمة المجاهدين المتقدمين وعقيدتهم الشهادة في سبيل التحرير من دنس المحتل، ورغم أنهم محاصرون في واد ضيق أنفاسهم وتحركاتهم في مرمي تقنيات استخبارات المحتل لم يركنوا إلى الدعة والهوان بل أعدوا عدتهم من الصفر وبالمستحيل، فكان الطوفان الهادر الذي مازال مثار دهشة كبار الساسة والعسكر .

أكذوبة الجيش الذي لا يقهر

حرب أكتوبر لم تدم أكثر من ستة عشر يوماً ولا شك أن الجيش المصري خلالها حطم أكذوبة الجيش الذي لا يقهر، إلى أن حدثت ثغرة الدفرسوار وبدأ المكوك الدبلوماسي يطل برأسه على مجريات الحرب، وهنا دقت اللحظات الفارقة التي غيرت  المنطقة حينما استبدت السياسة وعملت بمعزل عن مجرى جبهة القتال، فلم تستغل مصر وقتئذ أعظم أوراق الضغط التي تحت يدها ( الأسرى من القادة والجنود اليهود) فكان بوسعها أن تصمد حتى التحرير وهو ما قالته جولدا مائير لكيسنجر أنها تستغرب من عدم استخدام السادات كل عناصر موقفه ليضغط من أجل انسحاب اسرائيلي كامل إلى ما قبل ٥ يونية ٦٧ ، فأجابها كيسنجر بأن السادات وقع ضحية الضعف الإنساني وأنه في الحالة النفسية لسياسي يتشوق إلى أن يرى نفسه وبسرعة سائراً في موكب نصر في سيارة مكشوفه عبر مدينة السويس وآلاف الناس على الجانبين يصفقون له كمنتصر ( حسنين هيكل - السلاح والسياسة ) ولكن القيادة بررت بأنها ستحارب أمريكا بجانب إسرائيل، رغم أن الاتحاد السوفيتي ما كان ليسمح بذلك فهو وقتئذ كان قوى عظمى لها تاثيرها الفعال، أما المقاومة  فلم تعبأ بالتهديدات الأمريكية رغم إعلان بايدن الدعم العسكري والأمني اللامحدود ، فلم يفت ذلك في عضد المقاومة قيد أنملة بل استمرت في صمودها ومعنوياتها تناطح السحاب و لا تزال تكبد الكيان خسائر لم يعهدها في كل حروبه السابقة مع العرب.متعلقة 

تم نسخ الرابط