انتشر علي وسائل التواصل منشور يتحدث عن طباع الناس وخصالهم ،وقبل أن أنشر ذلك المنشور ، أود أن أذكر بحديث النبي - صلي الله عليه وسلم - حيث أوجز الأمر وأجمله فقال :(تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية، وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ويأتي هؤلاء بوجه). *حديث شريف، رواه البخاري.
ونص المنشور:
("مين قال انك لازم تكون محبوب من الجميع ؟؟
اهو لو انت ابن اصول هايكرهك الواطى
لو انت شريف هايكرهك الحرامي
لو انت ناجح هايكرهك الفاشل
لو انت عندك ضمير هايكرهك عديم الضمير
لو انت ليك حضور طاغى هايكرهك اللى مش عارف يبقي زيك
لو أنت صادق هايكرهك الكداب
لو أنت محبوب هايكرهك المكروه
هتلاقي فى الآخر ان كلما زاد عدد اللى كارهينك كلما دل على انك شخصية ناجحة جدا
لان الناس الكويسة وقلبها ابيض ماعندهمش وقت للكره ولا وقت يضيعوه مع هؤلاء ولا شايفينهم من أساسه ..ونقول حسبنا الله ونعم الوكيل في كل الأمور عجبتني فنشرتها ومقتبسه من زميل محترم" .) انتهي المنشور.
وختاما أقول : معني حديث النبي -صلى الله عليه وسلم - أن الناس معادن أي نفوس مختلفة، فالمعدن منه النفيس ومنه الرخيص، وكذلك الناس منهم النفيس ومنهم الخسيس ومنهم الجاحد ومنهم الحاقد ومنهم الحاسد ومنهم الطيب ومنهم الساذج.
وتشبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالمعادن فيه إشارة إلى عدة دلالات منها: اختلاف طباع الناس وصفاتهم الخُلقية والنفسية، ويُفهم هذا من تفاوت المعادن، ومنها الإشارة إلى تفاوت الناس في تقبلهم للإصلاح، فمنهم السهل، ومنهم من يحتاج إلى صبر، ومنهم من لا يقبل كما هو حال المعادن، والتشبيه بالمعادن فيه إشارة أيضًا إلى تفاوت الناس في كرم الأصل وخِسَّتِه، ويُفهم ذلك من تفاوت المعادن في نفاستها، فمنها الغالي كالذهب والفضة، ومنها الرخيص كالحديد والقصدير، والتشبيه بالمعادن فيه إشارة كذلك إلى قوة التحمل كالمعادن.
ومعادن العرب يعني أصولهم وأنسابهم. وقوله: "خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" يعني: أنَّ أكرم النَّاس من حيث النَّسَب والمعادن والأصول، هم الخيار في الجاهلية، لكن بشرط أن يفقهوا، فمثلاً بنو هاشم خيار قريش في الجاهلية من حيث النسب والأصل، بنص الحديث الصحيح، وكذلك في الإسلام لكن بشرط أن يفقهوا في دين الله، وأن يتعلموا من دين الله، فان لم يكونوا فقهاء فإنهم -وإن كانوا من خيار العرب معدناً- فإنَّهم ليسو أكرم الخلق عند الله، وليسوا خيار الخلق، ففي هذا دليل على أنَّ الإنسان يَشْرفُ بنسبه، لكن بشرط أن يكون لديه فقه في دينه، ولا شك أنَّ النسب له أثر، ولهذا كان بنو هاشم أطيب الناس وأشرفهم نسبا،ً ومن ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أشرف الخلق ، (الله أعلم حيث يجعل رسالته)، فلولا أنَّ هذا البطن من بني آدم أشرف البطون، ما كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا يُبعَث الرسول صلى الله عليه وسلم إلاَّ في أشرفِ البُطُون وأعلى الأنساب .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه