الأربعاء 03 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

شاءت الأقدار بعد عودتي من فترة ابتعاثي في فرنسا لتحضير الدكتوراه في القانون وتعييني كعضو هيئة تدريس بالجامعة أن يخصص لي مكتب بالكلية، وكانت المصادفة أن هذا المكتب كان يوماً من الأيام مكتب أحد أكبر استاذة القانون الجنائي بمصر والعالم العربي وهو الأستاذ الدكتور "عبد الأحد جمال الدين". وإن أدرت أن أصدق القول، فهو لم يكن فحسب أحد أهم أساتذة القانون الجنائي ولكنه كان رجلاً من رجال الدولة وأحد أهم الشخصيات العامة. وحين أذكر النعت "أكبر" لم أقصد به كبر السن، أو كبر أو عمق الخبرة، لكني يمكن أن اصف ذلك بكبر العقل، كبر الخاطر وكبر المشاعر... فقط أصفه الأستاذ الإنسان ذا القلب الشاب.

وكان لجلوسي في هذا المكتب عظيم الأثر في نفسي. لأني استشعرت أولا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقي كأستاذة قانون، وثانيا، استحضرت مكانة أستاذ القانون وقيمته والتي قد تاهت عن عقولنا اليوم بفرض مادية الحياة، وثالثاً تأكد بداخلي حب وشغفي بالعلم وأنه الدرب الحقيقي لنيل الرضا دنيا وآخرة. ورابعا، ازداد بداخلي تدعيم جوانب أخرى بالحياة والشخصية بخلاف العلم ألا وهي فكرة الشخصية العامة والخدمة المجتمعية. 
فالترحم عليه، راودتني فكرة "الوفاء ورد الجميل" لصاحب العلم ورجل كان له صولات وجولات في مناحي كثيرة من مناحي الحياة. 
فلم أجد هدية أهديها له سوى أن احرك قلمي لأذكر الناس به وأسرد سيرته العطرة التي كانت وما تزال نموذجاً لصاحب العلم، ذي الشخصية الفريدة. 
وأكد على أمر الشخصية لأن الإنسان ليس فقط بشهاداته وبعلمه بل بروحه وشخصيته. الإنسان يعرف بمواقفه وليس بصفته الوظيفية فحسب. وأكم من أناس فرغت شخصيتهم من محتوى، وخلت مناصبهم من متعة الأثر والتأثير. فالإنسان غني بخبراته وسعة صدره وتسامحه وروحه الأصلية كإنسان ذي قلب ينبض.

حين أقصد "وفاء ورد الجميل" ليس بالضرورة أن يكون معلمي أو أستاذي في يوم من الأيام، فالأستاذ الدكتور عبد الأحد جمال الدين لم يدرسني قط. لكني تقابلت بسيادته ربما مرة في حياتي وقبيل وفاته. حيث حظيت بمقابلته بمكتب عميد كلية الحقوق جامعة عين شمس وكان حينها الأستاذ الدكتور جميل عبد الباقي الصغير، وكنت إذ انتهي من إجراءات ابتعاثي لفرنسا. فقدمني الأب الفاضل الأستاذ الدكتور جميل الصغير للأستاذ الدكتور عبد الأحد جمال الدين كأحدى الشباب الطموح بالكلية والذي خصص لي بعثة لاستكمال دراستي بالخارج. وحينها قال لي الأستاذ الدكتور عبد الأحد جمال الدين "إذا أردتي اي شيء بفرنسا عرفيني". وقال ذلك لأنه خدم في فترة من فترات حياته كمستشار ثقافي لمصر بباريس.

وبمجرد الحديث معه شيئاً ما، أسرتني ابتسامته، ولمست فيه روح انسان وروح شباب قد لا نلتمسها في الشباب هذه الأيام.
وأضيف على ذلك، إني لمست به روح "الجدعنة" كما نقول باللهجة العامية المصرية. فهو كان من الأساتذة القلائل الذين يساندون الشباب ويقفون بجانبهم.

ويحلو لنا، وعلى خلاف التقسيمة المعتادة للمقالات، ألا اسرد السيرة الذاتية في المقدمة، بل آثرت أن أترككم مع السيرة العطرة للأستاذ الدكتور عبد الأحد جمال الدين، حيث لن أجد ختاماً أذكي من هذه الخاتمة.

- ولد بقرية شرشابة مركز زفتى محافظة الغربية بتاريخ ١٩٣١/١٠/٩
حصل على ليسانس حقوق جامعة عين شمس عام ١٩٥٥ م .- حاصل على دبلوم العلوم الجنائية من جامعة رين بفرنسا عام ١٩٦٠ م- دكتوراه فى القانون عام ١٩٦٣ م من جامعة السوربون بباريس- حاصل على وسام الاستحقاق من الدول الآتية (مصر – النمسا – فرنسا – إيطاليا ).

عبد الاحد جمال الدين

- معيد بكلية الحقوق بجامعة عين شمس ثم مدرس مساعد ثم أستاذ متفرغ بقسم القانون الجنائى من ١٩٥٥/١١/٢٧ إلى ١٩٩٢/٨/١ .- أستاذ القانون بكلية الشرطة- عمل مستشار ثقافى لمصر في كلا من ( النمسا – فرنسا )- رئيس إتحاد الإذاعة والتليفزيون بجمهورية مصر العربية من نوفمبر ١٩٧٩ حتى يونيو ١٩٨٠- مشرف على المراكز الثقافية لمصر فى غرب أوروبا من (١٩٨٠-١٩٨٢).- مسؤلاً عن الإعلام الخارجى بوزارة الإعلام.- رئيس الجمعية المصرية للأمم المتحدة.- رئيس اللجنة الدائمة للإعلام بجامعة الدول العربية.- أمين الشباب وعضو الأمانة العامة بالحزب الوطنى الديمقراطى.- رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة بجمهورية مصر العربية منذ عام ١٩٨٢ م وحتى ١٩٩٠/١٢/١٣ .- أمين الشباب وعضو الأمانة العامة بالحزب الوطنى الديمقراطى .- عين عضوا بمجلس الشورى.- عين عضوا بمجلس الشعب .- انتخب عضوا بمجلس الشعب لست دورات متتالية (٢٠١٠-١٩٨٤) .- انتخب وكيلا لمجلس الشعب فى ١٩٩٠ .- تم إختياره زعيما للأغلبية بمجلس الشعب ( ٢٠٠٥ - ٢٠١٠ م).- تم اختياره رئيسا للجنة العدالة وحقوق الانسان بالبرلمان الإفريقى- عضو هيئة مكتب لجمعية البرلمانات الفرنكوفونيه- وزيرا مفوضا لتصحيح العلاقات المصرية العربية بالتعاون الرياضى- كما شارك في العديد من المؤتمرات الدولية في المجال الثقافي والرياضى والفكرى والقومى وله العديد من المنشورات في مجلة العلوم القانونية والإ قتصادية عن (سمات قانون الأحكام العسكرية – الشرعية الجنائية – وحدة الجريمة ) .
- توفى رحمة الله يوم الجمعة الموافق ٢٠١٣/١/٢٥ (١٣ ربيع الأول ١٤٣٤ )عن عمر يناهز ٨٢ عام قضاها في خدمة الوطن .

تم نسخ الرابط