الأربعاء 03 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

قالوا : لماذا هو مشغول بشؤون الجامعة، وما يحدث في كلياتها من إيجابيات أو سلبيات، إنه قد أحيل إلى التقاعد، وعليه أن يشغل نفسه بالعبادة والطاعات فلم يبق له من العمر إلا القليل ، فلا يجب عليه أن يستفز أحدا بذم، ولا يتقرب لأحد بمدح وثناء.

وأنا أقول لهم: إن ولائي لمؤسستي (الأزهر الشريف)، يأتي في المرتبة الثانية بعد إيماني بالله- سبحانه وتعالى- ولا يعرف العشق إلا من يكابده.

إن هذا الولاء بعيد عن أي مصلحة شخصية، فأنا- والحمد لله- لم أحصل منها على شيء شخصي، وإذا قال قائلهم: لقد أفدت منها كثيرا عندما توليت العمادة فيها مرتين لكليتين مختلفتين، فأقول لهم: إذا كنتم تقولون : إن هذا مغنم، فأنا أقول لكم : إنها نعم الغنيمة إذا كنت من خلالها سأخدم مؤسستي،، ومع ذلك فإنني قد أصبت في هذه المدة بأكثر الأمراض شراسة، ومع ذلك كنت أخرج من جلسة الكيماوي إلى كلية الإعلام لأمارس عملي وأؤدي رسالتي على أكمل وجه فحدثت بفضل الله نقلة نوعية في البنية التحتية والعملية التعليمية يشهد بها كل من عاصرها وعاش أيامها، ثم سلمتها ورايتها خفاقة، وذاع صيتها على كل ألسنة المتخصصين في الإعلام.

ولما توليت عمادة كلية اللغة العربية بالقاهرة، لمدة عام فقط قمت- بتوفيق من الله وبمساندة ودعم من وكيليها- في إحداث نقلة نوعية بها، حيث أعدنا إلى مجالس تقريب التراث دورها، وزاد نشاطها، وذاع صيتها داخل الجامعة وخارجها، فقد كان كثير من الباحثين والطلاب يحضرون دروسها، ويتابع نشاطها- من خلال البث المباشر- كثير من باحثي الجامعات المصرية والعالم العربي وذلك بفضل صفوة العلماء الذين كانوا يدرسون بها من داخل الكلية ومن خارجها، وبفضل الله قمنا بتسجيل كل هذه المحاضرات صوتا وصورة وكنت أنتوي تحميلها على موقع الكلية لتكون مرجعا لدى الباحثين.

كما أنشأنا قاعة للاجتماعات الكبرى، والتي تعد أكبر قاعة اجتماعات بعد قاعة مجلس الجامعة إذ لا يوجد نظير لها في أي كلية من كليات الجامعة، وهي باسم فضيلة الأستاذ الدكتور محمد السعدي فرهود رئيس الجامعة الأسبق رحمه الله.

ثم أنشأنا لأول مرة في تاريخ الجامعة (صالونا ثقافيا)، كانت مهمته عقد جلسات ثقافية شهرية تستضيف فيها الكلية شخصية من الشخصيات الوطنية العامة، لتتناول قضية من قضايا الساعة ويحضرها أعضاء هيئة التدريس بالكلية والجامعة، ويدعى إليها شخصيات نخبوية لإثراء الصالون بالأفكار والتوصيات الجادة، وقد شرفت أول جلسة لهذا الصالون بحضور معالي وزير الأوقاف متحدثا، وحضره جمع غفير من أعضاء هيئة التدريس والباحثين.

كما أنشأنا مركزا إعلاميا مهنيا يرأسه أحد أبناء الكلية من أعضاء هيئة التدريس الذي كان قد قضى في العمل الصحفي أكثر من عشرة أعوام قبل تعيينه معيدا بالكلية، ووفرنا للمركز (الكاميرات) المناسبة لتصوير كل إحداثيات الكلية ، وعلى رأسها مجالس تقريب التراث، وقد وصل التميز لهذا المركز إلى درجة أن المركز الإعلامي للجامعة كان يعتمد عليه كثيرا فيما يصدر عنه من منشورات وأخبار.

كما عقدت الكلية أول مؤتمر علمي دولي لها، بعنوان غير مسبوق (التراث والحداثة في اللغة والتاريخ مثاقفة واختلاف)، حضره معظم قيادات الأزهر، ومعالي وزير الأوقاف، وفضيلة المفتي، والعديد من العمداء وأعضاء هيئة التدريس من الجامعة والجامعات الأخرى.

كما أصدرنا بمناسبة المؤتمر عددا تذكاريا من مجلة أسميناها ( كلية اللغة العربية أصالة وريادة) تتبعنا فيه تاريخ الكلية منذ نشأتها عام ١٩٣٣م حتى تاريخه 

كما أقمنا حفلا تكريميا سمي ب(يوم الوفاء) حضره فضيلة الأستاذ الدكتور محمد حسين المحرصاوي، رئيس الجامعة السابق قمنا فيه بتكريم كل من شارك في حصول الكلية على الجودة والاعتماد لأول مرة، وكذلك كل من وصلوا لسن التقاعد من أعضاء هيئة التدريس والعاملين بالكلية لمدة خمس سنوات.

كما خصصنا محاضرات تقوية مع نهاية كل فصل دراسي لرفع المستوى العلمي للطلاب وبخاصة الوافدون، وقد أتت بنتائج مبهرة، حيث ارتفعت نسب النجاح إلى درجة غير مسبوقة.

 كما قمنا بتجميع كل مكاتب الموظفين في الدور الأرضي وبدروم الكلية للتيسير على الطلاب عند تواصلهم مع إدارة الكلية وهذا الأمر ليس هينا فهو يحتاج إلى توفير قاعات وتجهيزها.

كما شجعنا النشاط العلمي للأقسام فكانت الكلية لا تخلو من يوم علمي في الأسبوع بجانب محاضرات التراث فتحولت الكلية على امتداد اليوم إلى خلية نحل في النشاط والهمة.

كل هذه الإنجازات تعد بالنسبة لي قليلة لأن جامعتي ومؤسستي( الأزهر الشريف) تستحق مني أكثر من ذلك بكثير  لما لها من أفضال علي منذ نشأتي وحتى الآن.

فاعتزازي بجامعتي ورغبتي بأن تكون على رأس كل الجامعات يدفعني دائما إلى تشجيع كل من يقدم لها إنجازا ولو يسيرا يعلي من شأنها ويرفع من قدرها بصرف النظر عن علاقتي الشخصية به حبا أو كراهية، كما يدفعني ذلك الاعتزاز إلى تسليط الضوء على جوانب التقصير دون ذكر لأشخاص، وذلك رغبة مني في الإصلاح وتدارك السلبيات حتى لا تغرق الجامعة في نفق التدهور والتخلف، وسأستمر في هذا ما دام في رمق من حياة غير مبال بالمحبطين والمعوقين، فما أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقى إلا بالله.

تم نسخ الرابط