ads
الأحد 22 ديسمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

          
الأمانة والوفاء من صفات الأنبياء والمرسلين، والدين الإسلامي يقوم على الأمانة والوفاء بالعهود، فقد روي عن أنس قال: ما خَطَبَنا النبي (صلى الله عليه وسلم) إلا قال: " ‌لا ‌إيمان ‌لمن ‌لا ‌أمانة ‌له، ولا دين لمن لا عهد له " ( رواه أحمد في مسنده).
وقد روت السيدة عائشة ( رضي الله ـ تعالى ـ عنها)، قالت: جاءت عجوز إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو عندي، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم): من أنت؟ فقالت: أنا جثَّامة المُزنية، فقال: بل أنت حسانة المزنية، كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟ قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فلما خرجت قلت: يا رسول الله، تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال، فقال: «إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن ‌حسن ‌العهد ‌من ‌الإيمان» (رواه الحاكم في المستدرك).
  هذا نبينا العظيم يصون عهد زوجه التي ماتت، ويكرم أقاربها وصديقاتها وجيرانها ومعارفها، فأين نحن من هذا الخلق العظيم؟! أين الأزواج من هذا الخلق العظيم؟ ولم لا نرى صونا لحرمة عقد الزواج بينهما في الحياة قبل الممات؟ لم لا يكرم كلا الزوجين  أهل شريك حياته، ورفيق عمره، حفاظا لحرمة الميثاق الغليظ الذي بينهما، ولم لا يساعده ويعطيه مساحة لإكرام أصدقائه، وجيرانه وجميع ضيوفه، في الحياة قبل الممات حفاظا للعهد الذي بينهما.
أين الأبناء من هذا الخلق العظيم؟! لم تجرؤوا على حرمة الأبوة والأمومة؟ وقطعوا جميع أواصر البر والصلة، وعلا صوتهم على من كانوا سببَ وجودهم في هذه الحياة دون حياء، أو انكسار.أين الإخوة الذين مات والداهم، فدبت القطيعة بينهم من هذا الخلق العظيم؟! لماذا قطعوا عهود الأخوة والإخاء؟ ولَمْ يحسنوا عهود والديهم بعد الممات. لماذا لا يتنازلون عن شيء من كبريائهم؟ وجزء من حقوقهم لإخوتهم؟ برا لوالديهم وحفاظا على عهد الأخوة الذي بينهم.
أين الأصدقاء من هذا الخلق العظيم؟! لماذا لا نحفظ عهد الصداقة؟ هذا العهد الذي ساوى الله بينه وبين عهد الأقارب والأبناء وذوي الأرحام في رفع الحرج عن الأكل في بيوتهم. ثم ميزه الله تعالى وفضله عن عهود كل هؤلاء في قوله تعالى مصورا حال أهل جهنم : {فَمَا لَنَا مِن شَـٰفِعِینَ ۝١٠٠ وَلَا صَدِیقٍ حَمِیمࣲ ۝١٠١ } ( الشعراء). ولعل تخصيص الله تعالى للصديق في هذا المقام؛ لأنه أول ناصر في الدنيا؛ لعلمه بالأسرار، أكثر من علم الوالدين والإخوة والأولاد؛ لذلك قال الله تعالى: ﴿الأخِلّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهم لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلّا المُتَّقِينَ﴾ (الزخرف:٦٧). فاللهم اجعلنا من المتقين الذين يحفظون العهود فإن حفظ العهد من الإيمان. 

 

تم نسخ الرابط