الأطفالُ هم أملُ الغدِ المُشرقِ، البسمةُ الضَّاحكةُ في حياةٍ مِلؤُها الصِعابُ والمَشاقُّ، حُلْمُ الآباءِ والأمَّهاتِ بمستقبلٍ واعدٍ، طموحاتٌ تبلغُ عنانَ السماءِ، زُهورٌ يانِعةٌ تخطُو أُولَى خُطُواتِها في خِضَمِّ الحياةِ، ويُحيطُهُمُ الآباءُ والأُمَّهاتُ برعايةٍ فائقةٍ واهتمامٍ كبيرٍ؛ آملينَ أن يَرَوْا فَلذاتِ أكبادِهم في نماذجَ صالحةٍ، ونبتةٍ طيبةٍ تُغرسُ وتُؤتِي ثمارَها، يتبَوَّأُونَ مكانةً مرموقةً، ويَحمِلون لواءَ الفخرِ والاعتزازِ.
وفي خِضَمِّ التَّغيراتِ والتَّطوراتِ التِّقنية الهائلةِ الَّتي شَهِدتْها الأجيالُ الحاليةُ، وتوغُّل شبكةِ الإنترنتِ في الحياةِ اليوميَّةِ للجماهيرِ، وغَزوِ مواقعِ التَّواصلِ الاجتماعيِّ للبيئةِ ومكوِّناتِها الاجتماعيةِ والثقافيةِ، وانتشارِها في المَناحِي الحياتيَّةِ؛ كان للأطفالِ نصيبٌ في هذا التَّوغُلِ الَّذي ألْقَي بظلالِهِ على الجوانبِ القِيميَّةِ والتَّربويَّةِ، وعلى وسائلِ التَّرفيهِ والتَّسليةِ والإِمتاعِ.
ومن بينِ التَّغيُّراتِ التي أحدثَتْها شبكةُ الإنترنتِ في وسائلِ التَّرفيهِ والتَّسليةِ انتشارُ "الألعابِ الإلكترونيَّةِ" الَّتي انغمسَ فيها الأطفالُ بشكلٍ كبيرٍ، وأصبحتْ جزءًا لا يتجزَّأ من نظامِ حياتِهم اليوميَّةِ الَّتي تأثَّرتْ مِثلَ غيرِها بالتَّحولاتِ التِّقنيةِ والتَّطوراتِ المذهلةِ في التَّواصلِ عبرَ الواقعِ الافتراضيِّ الَّتي انتشرتْ في بُيوتِنا بشكلٍ لا يُمكنِ الفكاكَ مِنه، أو تجنُّّبً آثارِهِ وتداعيَاتِه على المُستخدِمين، وعلى أطفالِنا الصِّغارٍ الذين يقضون الساعات الطوال أمام شاشات التليفون المحمول والهواتف الذكية.
وعلى الرَّغمِ من كَونِ الألعابِ الإلكترونيَّةِ وسيلةً من وسائلِ التَّرفيهِ، وأداةً من أدواتِ استنفاذِ طاقاتِ الأطفالِ، ومواكبةِ البيئةِ الرقميَّةِ، واكتسابِ مهاراتِ التعاملِ مع شبكةِ الإنترنتِ وأجهزةِ الحاسوبِ، والأجهزةِ اللَّوحيَّةِ والهواتفِ المحمولةِ؛ إِلَّا أَنَّ الأمرَ لا يَخلو من وجودِ مَثالبَ وآثارٍ سلبيَّةٍ جرَّاءَ التَّعرُّضِ المُفرطِ والمُكثَّفِ لهذه الألعابِ الَّتي اكتسبتْ زَخمًا ورَوَاجُا كبيرًا لدى الشَّريحةِ الكُبرَى من الأطفالِ.
ومن بينِ هذه الآثارٍ الَّتي ألقتْ بظلالِها على حياةِ الأطفالِ: فُقدانِ التَّركيزِ، وعدمِ القُدرةِ على التَّحصيلِ، والانعزالِ عن الأقرانِ، وإدمانِ الألعابِ الإلكترونيَّةِ، والمَيْلِ نحو العُنفِ؛ وكُلُّّها آثارٌ تَستدعِي أن تقومَ الأسرةُ بمتابعةِ تَعرُّضِ أطفالِهم لهذهِ الألعابِ، وتحديدِ أوقاتٍ معينةٍ لهذا التَّعرُّضِ، وتشجيعِ أطفالِهم على المُشاركةِ الحقيقيَّةِ في الألعابِ والرياضاتِ، والألعابِ الذِّهنيَّةِ في المدارسِ والأنديةِ الرياضيَّةِ، ودُخولِ المسابقاتِ التنافسيَّةِ في هذا المِضمارِ؛ ليكتسبَ الأطفالُ السُّلوكياتِ الإيجابيَّةَ كالمُشاركةِ الفعالةِ، والاندماجِ في المُجتمعِ، والقُدرةِ على التَّعاملِ مع الأقرانِ، وشَغلِ أوقاتِ الفراغِ بما يُفيدُ؛ بعيدًا عن الألعابِ الإلكترونيَّةِ الَّتي اكتظَّتْ بها شبكةُ الإنترنتِ، وازدَادتْ مَخاطِرُها يَومًا بَعد يَومٍ.