المهاجم الغريب قصة بورڤيريوس والإمبراطورية الرومانية
يقول ايهاب الساعدي حينما أخبرك بأن الإمبراطورية الرومانية كان لديها عدو يهاجمها لمدة 50 سنة متواصلة، عادةً سيخطر على بالك بأنه دولة أو مجموعة من اللصوص أو قطاع الطرق أو ما شابه ذلك، لكنه في الحقيقة حوت، أعرفكم على الحوت بورڤيريوس.
ويعني اسمه ذو اللون الأرجواني، وربما سبب التسمية هو أن لون جلد الحوت على ضوء الشمس يكون قريبًا للون الأرجواني بالنسبة للبحارة، وكما يقول المؤرخ بروكوبيوس الذي كان معاصرا لحوتنا الجميل، بأن طوله كان 13.7م، وعرضه 4.6م، وبحكم أننا في القرن الخامس الميلادي، فلم تكن هناك أدوات أو علوم متطورة بما يكفي لدراسة الحيتان من كثب، فكان البحارة الرومان يعتقدون أنه وحش بحري عملاق، كعادتهم حينما حيث اعتبروا الحيتان وحوش بحرية حيكت حولها عشرات الأساطير والخرافات، وحسب المواصفات التي قالها بروكوبيوس وبعض البحارة الذين عاصروا الحوت، فإنه على الأغلب حوت عنبر، حيث يعتقد أنه ضل طريقه من المحيط الأطلسي متوجهاً نحو البحر المتوسط عبر مضيق جبل طارق، ثم بحر إيجة، ثم إلى البحر الأسود.
المهم، بعد وصول حوتنا إلى البحر الأسود ومضيق البوسفور بدأ في تحطيم ومهاجمة السفن البحرية الرومانية، لدرجة أن البحارة الرومان بدأوا في الإبحار في طرق مائية أخرى غير المياه التي يعتقد وجود بورڤيريوس فيها، حتّى أصدر جستنيان الأول قرار باصطياد بورڤيريوس لأنه بات يشكل خطرًا على الملاحة والتجارة البحرية الرومانية، وكذلك الأساطيل البحرية والعسكرية للإمبراطورية الرومانية، لكن وبحكم ضخامة الحوت وبأنه كان يختفي لوقت طويل داخل دهاليز البحر الأسود لفترات طويلة ثم يعاود الظهور مرّةً ويهاجم السفن البحرية الرومانية، وكذلك كان لا يمكن اصطياد حوت بهكذا حجم في تلك الفترة الزمنية، خاصةً وأن السفن لم تكن مجهزة لاصطياد وحمل مخلوقات بهكذا ضخامة.
لكن نهاية حوتنا لم تكتب على يد بحار ماهر قام باصطياده مثلما حدث مع موبي ديك، بل على زعانفه هو، فيذكر أن بورڤيريوس كان يطارد مجموعة من الدلافين، لكنه اصطدام بمياه ضحلة من البحر الأسود وانجرف نحو شاطئ، لكنه حاول العودة إلى المياه العميقة عبر التحرك نحوها لكنه لم ينجح في ذلك، وحينما علم أهالي المنطقة بالأمر قاموا وأخذوا فؤوسهم وسكاكينهم نحو الشاطئ، وجروا بورڤيريوس نحو وسط المدينة ليقضوا على أي أمل لبورڤيريوس بالنجاة من العودة إلى البحر، وحينما وصلوا إلى منتصف المدينة، قاموا وبدأوا بطعنه بالسكاكين والفؤوس حتّى قُتل، ويذكر أن بعض أهالي المنطقة قاموا وطبخوا لحم بورڤيريوس على الشاطئ، والبعض الآخر فضل الذهاب بلحمه إلى منازلهم حيث طبخوها وأكلوها.