من يقرأ القرآن الكريم ويتدبر آياته، يجد أن المولى عز وجل يدعونا في أكثر من من آية إلى إعمال العقل والفكر والتدبر، واحترام العقل والتفكير السليم، فالمولى عز وجل يتوجه دائما إلى أولى الفكر وأولى العقل حيث يقول سبحانه : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ الليل والنهار لآيات الأولى الألباب) (آل عمران ۱۹0) وفي آية أخرى (إن في ذلك لآيات لأولى النهي) ( طه ۱۲۸) ، وأولى الألباب وأولى النهى هم أصحاب العقول النيرة .
وينعى الله ويعيب على الذين لا يعملون عقولهم وأفهامهم، ويتبعون رأيهم بـ بلا فكر ولا منطق ولا عقل، يقول تعالى : ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل اللهُ قَالُوا بَل تتبع ما الْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَولَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً ولا يهتدون) (البقرة ۱۷۰)، وفى سورة الزخرف ( إنا وجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ) (الزخرف: (آية ٢٣).
إن القرآن الكريم، في أكثر من آية يدعونا إلى التفكر فيما خلق الله من البشر، حيث يرشدنا القرآن الكريم إلى التفكير في حلق الإنسان وتكوينه، عشرات الآيات تتحدث عن مراحل تكوين الإنسان، وبوجه عام نجد الآية الجامعة يقول تعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)، (الذرايات 1):
وكذلك خلق الطيور والحيوانات، وكذلك التفكر في خلق السموات والأرض والبحار والأنهار والجبال والظواهر الطبيعية النجوم والكواكب، أيضا فيما آل إليه حال الأمم السابقة، ودارسة التاريخ وأخذ العبر منه ، وغير ذلك من العلوم الطبيعية والتطبيقية والفلكية (قل انظُرُوا ماذا في السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا : تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ)، ( يونس:101).
إن العلم في ميزان الإسلام لا يقتصر على العلوم النقلية أو الشرعية كدراسة الفقه والحديث واللغة والعقيدة إنما العلم في الإسلام يشمل كل العلوم الطبيعية والتطبيقية والتجريبية بعض الناس فهموا فهما خاطئا أن العلم مقصور على العلوم النقلية والشرعية والدينية ولذلك تأخرت الأمة الإسلامية عن ركب التقدم في العلوم الطبيعية والتجريبية.
إننا يجب أن ندرك أن إعمال العقل والتفكير في كل ما حولنا هو الأمر الذي من شأنه يجعل كل واحد منا قادر على أن يفرق بين ما ينفعه وما يضره، بين ما فيه الخير له وما فيه الشر، بين الصالح والفاسد، بين النافع والضار، بين الحق والباطل.
حقائق الأشياء
فالإنسان باستخدام عقله والتدبر والفهم واكتساب العلم يدرك حقائق الأشياء، ويدرك قدرة المولى عز وجل في خلقه، ولكن إذا لم يحرص على القيام بإعمال عقله والتعلم ستكون النتيجة الحتمية لذلك أن يبقى أسير الجهل والظلام وعدم المعرفة والإدراك للحقائق حوله.
والخلاصة أن الله عزوجل يدعونا إلى التفكر وإعمال العقل في كل ما خلق وفي الأرض والسماء، لأنه سبحانه وتعالى وحده هو الخالث الذي يعلم ما فيه الخير كله لخلقه، ويحثهم على كل ما ينفعهم ويساعدهم على الرقي والتقدم والحياة الأفضل وعلى كل ما فيه الخير لهم.