الأربعاء 03 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

من منا لم يسمع عن كيوبيد إله الحب ..يتعاطف معه أو يسير على خطواته وكم من أجيال اعتمدت على قصته وحكاياته أساسا لثقافة الحب والود ..وللأسف لم يخطر ببال أحد صعوبة المأزق الذي قد يورط كيوبيد نفسه فيه إذا كان هو الحبيب المباشر وتخلى عن وظيفة نقل الرسائل  ووصل الوداد.
** اختار البشر قديما رموزا لعناصر حياتهم.. منحوها الإشراف الرمزى على سلوكياتهم وتصرفاتهم.. أحزانهم وأفراحهم.. إنجازاتهم واخفاقاتهم.. آلهة للحرب.. والطب.. والزراعة وأيضا للحب.. فتى فى صورة ملاك ذو أجنحة ويطير فى كل مكان.. يوقع على قصص الحب والعشق ويوفق بين المحبين بسهم يطلقه من جبهته.. مباشرة إلى قلب الرجل ومحبوبته.. يشعل نار الغرام ومعها أحاسيس الوجد وجينات التواؤم والتواصل والانصهار.. غالبا ما نضع النهاية السعيدة لقصة الحب.. وتطلق زغاريد الفرحة.. وتتلألأ مكونات السعادة.. ساعتها يقف الملاك كيوبيد فوق سطح منزل الزوجية السعيد.. معلنا عن أسرة جديدة تملك الحلم وتسعى للتحقيق.. ويعرب فى نفس الوقت عن أمنياته بأن يكبر وينمو بالبنات والبنين.. وألا يغلق أبوابه منتصف الرحلة.. إذا لم يحافظ الطرفان على وشائج الحب والمودة وتقدير المسئولية والسلوك الرشيد. 
**منذ زمن بعيد.. يقوم كيوبيد بمهمة بالغة الأهمية والتأثير وحيدا.. يجوب العالم أمصاره وبلدانه.. شواطئه وبحاره وحتى غاباته.. وأينما يسكن البشر.. لا يكل ولا يمل.. لم نسمع انه احتاج إلى مساعدين له.. أو اشتكى من الارهاق والتعب.. وحتى لم يكشف لأحد عن سر المكان الذى يمده بأسهم الغرام.. ولا عن وسيلته الوحيدة فى لم شمل الأحبة والعشاق. ويبدو انه لم يكن معنيا حتى بقراءة رسائل العشاق وقصائدهم.. أو راصدا لوسائل التواصل بينهم.. منذ الكتابة على جدران الكهوف والمعابد.. وحتى السوشيال ميديا.. التى سهلت وعرقلت فى نفس الوقت قيامه بالعمل على النحو المطلوب.. 
**نقول ذلك لأن كيوبيد الفن.. نما وكبر وتفتح قلبه ووجدانه لحب وزهرة حمراء.. فائقة الجمال.. قابلها بالصدفة أثناء عمله كاد يسقط فى اغماءة مفاجئة مدهشة.. كل ما فعله قرار عفوى بتأجيل العمل.. والبقاء بجوار الزهرة الملكة تتوسط الوصيفات من الورود والزهور فى عقل يطلق عبيرا.. يجذب أصحاب المشاعر الرقيقة والذوق الفريد.. وتنطلق فى سمائه صور وأشكال الإبداع.. بكل اللغات.
** اختار كيوبيد لنفسه كشكا قريبا.. ومكث فيه.. استغرقه التأمل.. وعرف السهر إليه الطريق.. راقب الزهرة الحمراء على مدى الأربع والعشرين ساعة.. وتفرغ لمنع الأذى عنها أو قطفها بواسطة الغرباء.. بالتالى توقف عمله. ومعها منظومة الحب حول العالم التى تحمل مسئوليتها لآلاف من الأعوام قد تزيد.. حلت الرياح الباردة على قلوب المحبين.. كادت أن تطفيء شعلة الوجد والعشق.. واحتاروا فى السبب المجهول.. حتى مر أحد العشاق فجأة على حقل الزهور.. اعتقد ان قطفه لزهرة وتقديمها للحبيبة.. قد يعيد نهر الوصال للجريان.. فشاهد كيوبيد جالسا حزينا يراقب زهرته الحمراء ويرويها بالدموع. تحدث معه ليكتشف أن إله الحب لا يدرى شيئا عن رسائل العشاق التى مرت تحت أنظاره خلال مهمته وبالتالى قالت الطبيعة كلمتها.. وفوضت الحب فى اقتراح الحل السعيد.. نصح كيوبيد بأن يحمل زهرته الحمراء فى جعبة أسهمه.. ويطير بها إلى العشاق الجدد الذين يحتاجون إليه.. مرشدا وشاهدا على صدق مشاعرهم.. وأنهم مؤهلون للتواصل والاندماج.. فى حياة مشتركة.. تحقق الأحلام.. وترعى الأجيال.. وتبنى الحضارات وتتألق عقولهم بالابداعات والابتكارات.. اقترب كيوبيد ليستمع من الزهرة إلى موافقتها.. واستعدادها لتعيش قصة حب مع إله الحب.. وبالفعل لاحظ العشاق ان كيوبيد افسح مكانا لزهرته.. لا تفارقه أو يفارقها.. ومن هنا.. اعتمدوا الزهرة الحمراء وسيلة أساسية فى رحلة تواصلهم.. وأحلام عمرهم.

تم نسخ الرابط