الأحد 29 سبتمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

صمت جنائزي

خلف الحدث


إنني أفهم كيف يتعذب جسد واحد كيف يقبض الملك روحا واحدة ويبقى أخريات تتألم بعدها..
لكن لا أفهم كيف يجنح الموت على مدينة يصرخها ألما وكمدا يضم إليه صغارها ويساند شبابها شيوخها فالطريق من الأرض للسماء مزدحم ..
إنني أفهم كيف يكون هدم منزل واحد وبعثرة عائلة واحدة حتى ليعظم الأمر في صدري ويشتد في قلبي حسرة على الألم الذي لم يكتب قبل الفرح الذي لم يُسرد .. 
لكني لا أفهم كيف تسوى مدينة بالأرض كل متاعها كل اوجاعها كل ذكرى أو تاريخ كله موؤد على أرضها وصرخات الأطفال تشق أنقاضها فتُحي امواتها..
إنني أفهم الحزن عندما يخيم في صدر أحدهم يأخذه من الحب وينسيه الفرح يريه أيام لا شيء فيها سوى قرح أوجاعه التي تمرض القلب قبل الجسد ..
لكني لا أفهم هذه الجنائز في طرقات كل هذه القلوب الدماء التي اختلطت بالخبز الجميع يمشون يحملون ذات الجسد وذات الصرخات اليوم وغدا لا اليوم يمضي ولا المشهد يموت..
إنني أفهم كيف تمحى ابتسامة على ثغر صغير أو تكسر في يده لعبة يحبها فيبكي حزنا أو يبتعد خوفا ..
لكني لا أفهم كيف تبتر الحياة في ذراع أو قدم كيف للأجساد الصغيرة أن تجاهد الألم في مقابل الحياة التي سلبت بعض قلوبهم أو حتى اشتهت من البعض جمال عيونهم ..
إنني أفهم كيف يبكي الصغار عندما يفتقدون والدهم أو يتيهون في الزحام لا يعرفون البحث رغم الجميع حولهم ..
لكني لا أفهم كيف يبحث الصغار عن والديهم ثم يبكون على  صدورهم أموات يودعون أخر ما بقى لهم ..
إنني أقف هادئة أمام قبر والدي ابكي ألما ولا أعرف كيف أقف أمام أحزانكم .. 
 

تم نسخ الرابط