الإثنين 08 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

الطب النفسي عكس الصحة النفسية لسيدة فاقوس: غير مسؤولة.. وفاقدة للإدراك والإرادة

المتهمة ورضيعها
المتهمة ورضيعها

مفاجآت عديدة حملها تقرير اساتذة الطب النفسي بجامعة الزقازيق في بحث الحالة النفسية لسيدة فاقوس المتهمة بقتل طفلها بعدما قطعت جثته وأكلت رأسه.

انتهى التقرير الذي أعدته اللجنة الخماسية من أساتذة الطب النفسي بجامعتي الزقازيق والمنصورة من كلا من أ.د فاطمة محمد شريف خليل و وائل محمد أحمد و محمد جمال سحلو و أسامة محمود يوسف اساتذة الطب النفسي بجامعة الزقازيق، و أ.د وفاء عبد الحكيم البهائي استاذ الطب النفسي جامعة المنصورة، بناء على قرار محكمة جنايات الزقازيق في القضية رقم 8619 لسنة 2023، جنايات مركز فاقوس، المقيدة برقم 844 لسنة 2023 كلي شمال الزقازيق، بشأن المتهمة هناء محمد حسن حتروش.

 


 

ذكرت اللجنة أنه من مناظرة المتهمة ومراجعة ما أجري لها من فحوصات والاطلاع على ملف القضية وما تضمنته، ومناظرة بعض الشهود ومناقشتهم في أقوالهم، رأت اللجنة أن المتهمة كانت تعاني وقت ارتكاب الجريمة، من أعراض اضطراب ذهاني أفقدها الاستبصار والحكم الصائب على الأمور مع وجود قصور في القدرات العقلية، وأنها ارتكبت جريمتها تحت تأثير حالتها المرضية، وهي فاقدة للإدراك والإرادة،وتعتبر غير مسؤولة عن فعلها الإجرامي.

انتهى تقرير اللجنة من خلال فحص الحالة العقلية إلو محدودية ذكاءها وافتقادها للبصيرة والحكم الصائب على الأمور، كما تبين أن المتهمةلديها ضلالات الاضطهاد وهلاوس، وعلى الرغم من أن المتهمة لم تفصح صراحه عن محتوى تلك الضلالات التي ترتبط بارتكابها للجريمة،حيث كانت تتعمد اخفاء ذلك وترد باقتضاب فيما يخص دوافعها.

إلا أن ما ورد على لسان الشهود في التحقيقات وما تم التأكد منه من خلال مناظرتهم أن المتهمة كانت لديها ضلالات الاضطهاد فيما يخص ولدها”المجني عليه” تلك الضلالات صورت لها أنه في خطر شديد، وصور لها تفكيرها المضطرب أنها بدفنه وإياها داخل حفرة يمكنهما الهرب، كما أن ضلالات التفكير أو صلتها لتفسير مختل للآية الكريمة” يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي”

وبناء على ذلك فإنهما لن يموتا وسيعودان للحياة مرة أخرى، كما سبق وأن عاد للحياة بعد ذبحه.


 

أوضحت اللجنة في تقريرها أن تلك الأفعال والأقوال لا يمكن أن تصدر عن عقل سليم، وهنا يجدر الذكر أن تصرف المتهمة بصو غير طبيعية في باقي مناحي حياتها، مثل مباشرتها لمسار القضايا التي رفعتها على طليقها ومتابعة بناء منزلها الجديد لا يتنافى مع وجود هذا الخلل في التفكير، حيث تركزت الضلالات الفكرية حول ولدها والخوف من فقده ولم تصب باقي مسارات التفكير بالعطب.

ومن هنا يمكننا أن نستنتج أن ذلك العقل المريض بالضلالات في ظل محدودية الذكاء دفعها إلى ارتكاب الجريمة البشعة بنفس المنطق المختل“قتله هو الوسيلة الوحيدة لاخفاءه وحمايته وأنه سيعود مرة أخرى للحياة.

تعاظمت تلك المخاوف المرضية والتي ترقى الى درجة الضلالات عندما قامت بحفر حفرة وطلبت من جارتها (زينب) دفنها بها بصحبه إبنها وان ذلك لن يؤدي الى موتهما وأن ابنها سبق وأن مات وعاد مرة أخرى من الموت.

كما أنه من مناظرة اللجنة لبعض الشهود ممن ورد ذكرهم في التحقيقات:

أكد الشهود على ما ورد على لسانهم في التحقيقات

أضاف الأخ (هاني) أن أخته كانت تتحدث إلى نفسها عندما كانت تجلس منفردة، وأضافت (الأم) أنها حاولت عرض إبنتها على طبيب نفسي ولكن المتهمة كانت ترفض بشدة.

وأضافت الجارة (زينب) أنها عندما ناقشت المتهمة في سبب الطلب الغريب بدفنها وإبنها في الحفرة، أجابت المتهمة أن ذلك لن يؤدى إلى وفاتهما وإن زوجة أخيها (هدى) سبق وأن ذبحت إبنها بالسكينة وأنها رأت السكينة والملابس الملوثة في الدولاب وإن ابنها عاد بعد ذلك إلى الحياة، كما أضافت الشاهدة (زينب) أن المتهمة كانت تعاني من سخرية ومضايقات الصبية في القرية حيث كانوا يقذفونها بالحجارة ويتعمدوا إستفزازها لعلمهم إنها سريعة الغضب وغريبة الأطوار، كما أكدت على أن المتهمة كانت تتصرف بغرابة شديدة منذ صباح يوم الجريمة، وكانت تتصرف بغرابة أكبر بعد اكتشاف الجريمة وحضور الشرطة حيث كانت تتحرك بصورة طبيعية داخل المنزل وتعيد ترتيب الملابس وتضعهم داخل الدولاب وكأن شيئا لم يحدث.

وأظهرت نتائج الفحوصات الطبية من خلال تصوير الرنين المغناطيسي على الدماغ وجود بؤر متعددة لتغيير الإشارات، قد تشير إلى الإصابة بمرض التصلب المتعدد وتحتاج إلى مزيد من التقييم الإكلينيكي والمتابعة من قبل مختصين في أمراض المخ والأعصاب لتأكيد التشخيص.

ومن المعروف أن الإصابة بهذا المرض قد يؤدي إلى أعراض عقلية ونفسية كالضلالات والهلاوس وتبلد المشاعر.

وأن الاضطراب العقلي هو التفسير الوحيد لغرابة الجرم وشذوذه فكيف لأم اتفق جميع الشهود على حبها الشديد لابنها أن تقوم بقتله، وإذاكان الغرض من قتله هو الانتقام من والده وحرمانه منه فلما تقطيعه لأجزاء، وإذا كان تقطيعه لأجزاء بغرض اخفاء معالم الجريمة فلما طهيه وتناول لحمة؟؟، وهذا ما تعنيه اللجنة بغرابة الجرم وشذوذه.

يذكر أن المحامي أحمد حمد دفاع المتهمة قد طلب احالتها للجنة خماسية بعدما شكك في سلامة قواها العقلية، وهو ما استجابت له محكمةالجنايات التي قررت تشكيل اللجنة الخماسية من اساتذة الطب النفسي بجامعتي الزقازيق والمنصورة.


 

كانت النيابة العامة قد قدمت المتهمة هناء محمد حسن إلى الجنايات لمعاقبتها عما أسند إليها من ارتكابها جناية قتل ولدها الطفل البالغ من العمر خمس سنوات عمدًا مع سبق الإصرار، بعد أن انتهت التحقيقات إلى عزمها على قتله خوفًا من أن يبعده عنها مطلِّقها، مدفوعةً برغبتها الدائمة في الاستئثار به وتشبثها المستمر بحجبه عن الناس، إذ أعدت لقتله عصا فأس كانت بمسكنها، وغلقت نوافذه، وانفردت به مستغلة اطمئنانه إليها، وسكونه في وجودها، فغافلته وانهالت على رأسه بضربات ثلاث فقتلته، ثم في سبيل محاولتها إخفاء آثار جريمتها قطعت جثمانه لأشلاء لإخفائه، وألقي القبض عليها قبل أن تدفنها.


 

وكانت النيابة العامة حريصة منذ بدء التحقيقات على تحري حقيقة بواعث المتهمة لقتل ولدها والتمثيل بجثمانه على نحو غير مسبوق لميشهده المجتمع المصري من قبل، وكذا حرصت على تحري ما أثير منذ بدء التحقيقات حول سلامة قواها العقلية وشبهة اضطرابها نفسيًّاكسبب لارتكاب الجريمة، فانتهت بعد اتخاذها العديد من إجراءات التحقيق الدقيقة والمتواترة إلى ارتكابها الواقعة عن وعي وإدراك سليمينمولعةً برغبة الاستحواذ عليه ومنع مطلِّقها وذويه من الاختلاط به، أو ملاحقتها بحق رؤيته.


 

حيث لم تعتمد النيابة العامة في إقامة الدليل قبلها على إقراراتها التفصيلية بارتكاب الجريمة، بل استوثقت من صحة تلك الإقرارات وصحة إسناد الاتهام إليها من شهادة ستة عشر شاهدًا، وما تبينته خلال معاينة مسرح الجريمة وما عثرت عليه فيه من بقايا جثمان القتيل وأدوات الجريمة وآثارها، وما ثبت بتقارير مصلحة الطب الشرعي التي أكدت نسبة الأشلاء إلى القاتلة وراثيًا، ونسبة الدماء المعثور عليها على ملابسها للقتيل، كما أثبتت جواز حدوث الواقعة على نحو ما اعترفت به المتهمة، وباستخدام الأدوات التي ضبطت، وكذا أثبتت التقارير عدم تعاطيها أي مواد مخدرة وخلو الأدوية المضبوطة بمسكنها مما يؤثر على الصحة النفسية أو العصبية.

وكان ما قطع بسلامة المتهمة عقليًّا ونفسيًّا وبمسئوليتها عن ارتكاب الجريمة ما ثبت بالتقرير الصادر عن إدارة الطب النفسي الشرعي للمجلس الإقليمي للصحة النفسية من أنها لا تعاني لا في وقت الفحص ولا وقت ارتكاب الجريمة من أي اضطراب نفسي أو عقلي يفقدها أوينقصها الإدراك والاختيار ومعرفة الخطأ من الصواب والتمييز والحكم السليم على الأمور، مما يجعلها مسئولة مسئولية كاملة عن الجريمة التي ارتكبتها.

وتشيد النيابة العامة بالتزام المؤسسات الإعلامية المنضبطة بموقفها من تلك القضية خلال تحقيقاتها من تحري الحقيقة في تقاريرها حولها بالإحالة إلى نتائج التحقيقات، وما تعلنه النيابة العامة منها، وعدم الانجراف نحو مواقف أخرى صدرت من فئة قليلة حاولت استغلال بشاعة الجريمة وندرة وقوعها لتكثير سواد المشاهدين والمتابعين تحقيقًا لمآرب وأهداف محددة بعيدة كل البعد عن الحرص على المصلحة العامة والأمن الاجتماعي، مؤكدة اتخاذها ضد بعضهم الإجراءات القانونية لما شكلت أفعالهم من جرائم معاقب عليها.


 

تم نسخ الرابط