ads
الجمعة 22 نوفمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

أكرر كثيراً الحديث عن العلم وأهميته في بناء الإنسان وتقدم الأوطان وتفوقها، لعلَّني  بذلك التكرار أجد متنفساً عما أحس به نحو العلم وأهميته وخطورة إهماله، وإدارة الظهر للعلماء.

 إن العلم هو أساس بناء الأوطان، وتقدم البلدان، وعليه مدار سعادة وفلاح الإنسان.. وكل بلد لا يعتمد العلم سبيلا لرفعته ونهضته وتقدمه هو بلد يتخلف عن التقدم وإحراز أسبابه.

وليس المقصودُ بالعلمِ هنا العلمَ الشرعي الديني فقط، وإنما كلُّ علمٍ نافعٍ مفيدٍ يسهمُ في التقدمِ الحضاري والإثراءِ المعرفي، ويقوي ويعزز قدرةَ المجتمع.. سواء كان من العلوم الدينية أو العلوم المادية التجريبية كالطب والهندسة والاقتصاد والتجارة، أو العلوم الإنسانية والاجتماعية. 

وقد جعل الله اكتساب هذه العلوم من الواجبات الكفائية التي تطالب الأمة بها في مجموعها.

فبالعلم نصنع ما نلبس، ونزرع ما نأكل، وننتج علاجنا ودواءنا، كذلك به نصنع سلاحنا الذي نقاتل به عدونا، وندفع به عن أنفسنا.

والدول التي تسيطر على العالم وتتحكم فيه إنما تسيطر عليه بالعلم والتكنولوجيا والتقدم: فبالعلم بنت هذه الدول قوتها الاقتصادية، وأنتجت من الحاجيات ما لا يستغني عنه الآخرون.. وبالعلم صنعت رفاهيتها الاجتماعية فعاشت شعوبها في رخاء وسلام، وسعادة واطمئنان.. وبالعلم بنت قوتها الحربية والعسكرية التي أرعبت بها الناس وأرغمت أنوف أعدائها، ودافعت عن مصالحها، وتحكمت في غيرها من البلدان.

شرف العلم وأهله:

وأهل العلم هم أشرف الناس في هذا الوجود، وهم أرفعهم قدرا في الآخرة إذا صدقت نواياهم.

رفعهم الله بالعلم في الدنيا وفي الآخرة كما قال سبحانه: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } [ المجادلة : ١١ ].

وفرق بينهم وبين أهل الجهل فقال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر:٩]. وقال جل في علاه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:٢٨].

وقد جاءت نصوص الشريعة تدعو إلي العلم وتأمر به وتثني على أهله:

فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة) [رواه مسلم].

وعن أبى أمامة رضى الله عنه قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلان: أحدهما: عابد، والآخر: عالم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم).

وعن أبي الدرداء قال صلى الله عليه وسلم: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء هم ورثة الأنبياء)

وقال: (... وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر) [رواهما أحمد، وأبو داود، والترمذي].

والعلم زينة:

ولولا العلم ما كان للعقل قيمة، ولصار الإنسان كالبهيمة:

عِلْمُ الْعَلِيمِ وَعَقْلُ الْعَاقِلِ اِخْتَلَفَا . . . مَنْ ذَا الَّذِي فِيهِمَا قَدْ أَحْرَزَ الشَرَفَا

فَالْعِلْمُ قَـــــــالَ أَنَا أَحْرَزَتُ غَايَتُهُ . . . وَالْعَقْلُ قَــــالَ أَنَا الرَّحْمَنُ بيْ عُرِفَا

فَأْفْصَحَ الْعِلْمُ إفْصَاحَاً وَقَـــالَ لَهُ: . . . بأَيِّنَا اللهُ فِيْ فُــرْقَــانِــــــهِ اِتَّـصَـفَـا

فَبَانَ لِلْعَقْلِ أَنَّ الْعِلْمَ سَــــيِّــدُهُ . . . وَقَبَّلَ الْعَقْلُ رَأْسَ الْـعـِلْـمِ وَاِنْصَرَفَـا

ومما هو منسوب للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قوله:

الناسُ مِن جِهَةِ التِمثالِ اَكفاءُ

                                أَبوهُمُ آدَمُ وَالأُمُ حَوّاءُ

نَفسٌ كَنَفسٍ وَأَرواحٌ مُشاكَلَةٌ

                         وَأَعظُمٍ خُلِقَت فيها وَأَعضاءُ

وَإِنَّما أُمَّهاتُ الناسِ أَوعِيَةٌ

                         مُستَودِعاتٌ وَلِلأَحسابِ آباءُ

فَإِن يَكُن لَهُمُ مِن أَصلِهِم شَرَفٌ

                          يُفاخِرونَ بِهِ فَالطينُ وَالماءُ

ما الفَضلُ إِلا لِأَهلِ العِلمِ إِنَّهُمُ

                      عَلى الهُدى لِمَنِ اِستَهدى أَدِلّاءُ

وَقَدرُ كُلِّ اِمرِئٍ ما كاَن يُحسِنُهُ

                       وَلِلرِجالِ عَلى الأَفعالِ اسماءُ

وَضِدُّ كُلِّ اِمرِئٍ ما كانَ يَجهَلُهُ

                       وَالجاهِلونَ لِأَهلِ العِلمِ أَعداءُ

وَإِن أَتَيتَ بِجودٍ مِن ذَوي نَسَبٍ

                             فإنه نِسبَتَنا جودٌ وَعَلياءُ

فَفُز بِعِلمٍ وَلا تَطلُب بِهِ بَدَلاً

                    فَالناسُ مَوتى وَأهُلُ العِلمِ أَحياءُ

يا ليت قومي يعلمون !!!

تم نسخ الرابط