الأربعاء 03 يوليو 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

ما أسهل أن أكون صاحب أرقي الشهادات وأسمي الدرجات العلمية ،ولكن ما أصعب أن أكون صاحب رسالة ، ذا خلق .

إن حقيقة منزلة الأستاذ الجامعي بالنسبة للطالب هو القدوة، وإن سلوكه الذي يظهر فيه أمام طلبته هو محل اعتبار لهم في ضبط سلوكياتهم وتصحيح المفاهيم المغلوطة عندهم ، ويكون لهذا السلوك أثره النفسي لدى الطلبة وأثره المجتمعي أيضًا باعتبارهم أفرادًا منه؛ ولذا تقع على عاتق الأستاذ الجامعي مسئولية أخلاقية إضافة إلى مسئوليته العلمية.
و تأكيد  أن الأستاذ الجامعي هو المسؤول عن التنمية الأخلاقية للطالب إلى جانب مسئوليته في تنميته معرفيًّا - أمرٌ في غاية الأهمية؛ فتنمية قدرة الطالب على التفكير المنطقي هو الهدف الأسمى للتعليم، ولا يكون التفكير منطقيًّا إلا إذا كان تفكيرًا رشيدًا يتحلى صاحبه بالسلوك القويم، وهو سلوك مكتسب من البيئة الجامعية التي يقضي فيها فترة تعلمه.
ومن ثم فالأستاذ  صاحب رسالة من أجل الأعمال وأعظمها ، وأرفع الغايات وأسماها ، يزينها خلق عظيم، وسلوك قويم.
والخُلق الحَسن صفة سيد المرسلين - صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين - وأفضل أعمال الصديقين، وهو -على التحقيق- شطر الدين وثمرة مجاهدة المتقين ورياضة المتعبدين، والأخلاق السيئة هي السموم القاتلة والمخازي الفاضحة.
إن التحلي بمعالي الأخلاق مما يُحبُّه الله جل جلاله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله كريم يُحبُّ الكرم ومعالي الأخلاق ويكره سفاسفها) [أخرجه الطبراني في الكبير]. ومكارم الأخلاق باب واسع، يشمل: كف الأذى عن الناس، والإحسان إليهم بالممكن من الأقوال والأفعال، وتحمل ما يصدر منهم من مستهجن الأعمال، ويصل الأمر إلى التغافل عن من يصدر منهم من أخطاء لكي لا يخجلهم، قال الإمام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي رحمه الله في كتابه "فصول الآداب" فصل: ومن مكارم الأخلاق التغافل عن ظهور مساوئ الناس، وما يبدو في غفلاتهم، من كشف عورة، أو خروج ريح لها صوت، أو ريح، ومن سمع ذلك فأظهر الطرش أو النوم أو الغفلة ليزيل خجل الفاعل، كان ذلك من مكارم الأخلاق.

لقد أثنى الله عز وجل على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، في قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم:4] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قال عطية: لعلى أدب عظيم... وعن سعيد بن هشام قال: سألت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: ألست تقرأ القرآن. قلت: بلى. قالت: كان خلقه القرآن...قال ابن كثير: ومعنى هذا أنه عليه الصلاة والسلام صار امتثال القرآن أمراً ونهياً سجية له وخلقاً تطبعه...هذا مع ما جبله الله عليه من الخلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم وكل خلق جميل.

قال الله تبارك تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب:21] فليجاهد الإنسان نفسه للاقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام في مكارم الأخلاق.

والرسول الكريم بُعِثَ ليكمل ما كان عند العرب من أخلاق، قال عليه الصلاة والسلام: (إنما بُعثتُ لأتمم صالح الأخلاق) [أخرجه أحمد] فما كان عندهم من أخلاق حسنة أقرَّها وزاد عليها، وما كان منها من أخلاق سيئة فنهى عنها وحذر منها.

والإنسان ينبغي له أن يخالق الناس بخلق حسن، فعن أبي ذر ومعاذ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (وخالق الناس بخلق حسن) [أخرجه الترمذي]

تم نسخ الرابط