كما أوضحت في مقالي بمجلة حريتي الغرا
فى حياتنا التعليمية نستخدم عبارة «برا المنهج» استخدامات متفاوتة.. فهى تثير الطلاب وأولياء الأمور إن جاءت أسئلة الامتحان خارج المنهج.. وساعتها تتحدث الصحف عن دموع الفيزياء.. أو الرياضيات.. الخ.. بالمقابل قد يعترف المسئولون بالتقصير فى فضيحة الامتحان.. أسئلة خارج المنهج.. أحيانا بعيدا عن المقرر لاكتشاف مستوى ذكاء الطالب.. فالحصول على التفوق يعنى تربويا الا نحصر التلميذ فى دائرة الكتاب المدرسى.. بل يطلب منه إضافة من معلوماته العامة.
ولأن فيلم عمرو سلامة «برا المنهج» الذى عرض لأول مرة محليا وعربيا فى أواخر ديسمبر 2021 يتناول حياة طلاب صغار (بالمرحلة الابتدائية باحدى قرى وجه بحرى فيما اعتقد) ابتعد عن هذه المقولة.. رغم استخدامه واقعة الامتحانات ضمن الأحداث واتجه بالمشاهد إلى تجربة تستحق المشاهدة.. رغم الملاحظات.. لأنه يتناول قضية الضمير الإنسانى.. وان كان يحملها شخصية شهيرة.. حارب فى الخداع والكذب إلى منزله المهجور أمام المدرسة التى تمثل الموقع رقم 1 فى أحداث الفيلم.
انه الإعلامى المعتزل أحمد وحيد.. يتنكر داخل المنزل المهجور.. مرتديا قناع لأحد الأشباح.. لتبدأ علاقة معرفة وتواصل مع الطفل اليتيم نور.. الشهير بعماشة لضعف نظره.. ويريد ان يصبح شيئا مهما فى عيون زملائه الذين يضطهدونه دائما فيتطوع للدخول إلى المنزل المخيف.. لاحضار الكرة الساقطة بداخله.. يتقابل مع الشبح.. ويفرض عليه شرطا.. لمساندته أمام التلاميذ الآخرين.. وبالفعل تتغير الأحوال.. وينجح نور (عمر شريف) فى السيطرة على العجوز والتعرف تدريجيا على قصته.. وأيضاً يلبى طلبات التلاميذ والمدرسين والناظر فى تدخل الشبح كى تحل أزماتهم.. ويبدأ فى جنى الأموال نظير هذه الخدمات.. يقدمها عن طيب خاطر لعلاج ابنة السيدة التى يقيم عندها.. وفى نفس الوقت تتأصل بداخله فضيلة الصدق والشجاعة.. مما حكى له الشبح فى حكايات تاريخية.. بدءا بعبادة الإله أتون وحتى ثورة 19.. وان كان التنفيذ لهذه الأحداث المحورية فقيرا فى الخامات والامكانيات.. بل وفى تقديرى لاختيار الطفل نور شخصية محورية يعاونها العجوز نفسه (ماجد الكدواني) الذى اتقن الأداء بصدق وموضوعية.
يجتذب نور من مرحلة الموسيقى (روبي) للتعرف على الشبح.. وبعدها نراه فى مظاهرة شجاعة صادقة فى طابور الصباح.. لتنقلب عليه الدنيا ويستدعى الناظر ولى أمره للاحاطة والتدخل.. بعدها تمضى الأحداث باحضار المدرسة لابنتى من القاهرة.. وعندما يرفض العجوز لقائها.. تلجأ إلى احضار أمر إزالة للمنزل والأشجار لبيعها.. يختفى الشبح ولا يظهر إلا استجابة لنداء نور.. كخطوة أخيرة تمنع الهدم.. ويخرج إلى الدنيا مع مدرسة الموسيقى.. بينما يلتف التلاميذ حول نور يطلبون صداقته.. ويبدو ان أحمد وحيد اطمأن على دروسه لنور خارج المنهج قد أتت ثمارها.
الفيلم قد يحتاج لمشاهدة ثانية للتأقلم مع أحداثه.. والتأكيد على التقاط المساندة لدعوة العجوز.. التوجه.. للضمير.. والحفاظ عليه نقيا صادقا.. موضوعيا يفتح الباب للتخلص من شوائب وزيادات لحقت بسجل الأحداث فى لحظة غامضة ولكنه بالتأكيد محاولة مشكورة من المخرج عمرو سلامة وشريكه فى السيناريو وإعداد خالد دياب.. فى دعم سينما الضمير واليقظة.. انها بداخلنا وليس شرطا ان ننتظرها «برا المنهج» فى شبح فى بيت مهجور أمام بيت علم.. مدرسة بداخلها للأسف غرفة للأشباح.. لتخويف التلاميذ من المناهج وخارجها.