حينما استقر المقام بالنبي صل الله عليه وسلم ومعه سيدنا أبوبكر رضي الله عنه في غار ثور ، سمع الصديق وقع أقدام المشركين علي مقربة من باب الغار - فلا لازالت قريش آنذاك يحدوها ضلالها في ملاحقة النبي - هنا تملك الحزن قلب أبوبكر ، فقال هامساً للنبي صل الله عليه وسلم "لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا " وكان حزن الصديق بظن البشر إن قُتل أبوبكر فإن هو إلا صاحبي ، أما إن قُتل الرسول فقد ماتت الدعوة ..هنا قال له النبي مطمئناً يملؤه اليقين بنصر الله وخزي المشركين" لا تحزن إن الله معنا" ذلكم اليقين بالله هو أصدق الإيمان ، هذا اليقين توارثته الصحابة رضوان الله عليهم بعدما مضي رسول الله صل الله عليه وسلم - قلوبهم مطمئنة وجوارحهم تعمل - حملوا علي عاتقهم رسالة عالمية الإسلام ، قاتلوا صناديد الشرك حتي دحروا إمبراطورية الروم والفرس أعتى قوتين علي الارض وقتئذ ، وما شكوا قلة عدة أو عتاد حتي انساخ الإسلام في ربوع الأرض ، والتأمل في عظمة صمود قوي المقاومة وبسالتها يدرك أن الثلة المرابطة في فلسطين – خيرة الأمة – قد وقر في قلوبها هذا اليقين واستقر ، ويرون مدي تسويف قضيتهم وهي تمر بخطى وئيدة عبر دبلوماسيات متخاذلة ، وهم أصحاب الأرض المغتصبة، وانتهاكات المسجد الأقصى أولي القبلتين ومسرى النبي صل الله عليه وسلم التي لم تتوقف ،
كل ذلك في ظل صمت المجتمع الدولي ، حتي قرارات الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية المعنية بتحقيق السلام والأمن الدوليين باتت حبراً علي ورق أمام الفيتو الأمريكي ، فبلغ الإحتقان منتهاه وطال ليل الظالمين ، فلم يكن هناك بد غير الجهاد الامل المفعم بالإيمان في نصر الله عز وجل ، فاعلنوا عن الطوفان الهادر بعد أن أعدوا عدتهم وبنوا سيوفهم من الصفر وبالمستحيل ولم يعجزهم الحصار ، أو رصد حركاتهم وسكناتهم في مرمي تقنية عالية من التجسس، وأخذوا زمام المبادأة وحدهم قبل تحالف صهيوامريكي وأوروبي ، دون ظهير من الجيران أو الاشقاء ، ولكن حسبهم اليقين والتوكل علي الله كان خير عدة وخير زاد ، فأفقدوا الكيان المهترء توازنه وكشفوا عن وجهه القبيح وقوته العسكرية الجوفاء وذلوا كبرياؤه ، وجعلوه يقف علي قدم وساق بعد أن جبن علي المواجهة ، فأعلن عن وجوده بضرب الاطفال والنساء والشيوخ الأمنة في ديارها ومشفاها، ستبقي ملحمة الطوفان معجزة بإذن الله محفورة في ذاكرة التاريخ تحمل بطولاتها بطون الكتب بالفحص والدرس والعبر العظيمة ،
" إن الله معنا ".هي عقيدة أصحاب الطوفان ، ومن كان في معية الله فمن عليه..."ومن يتوكل علي الله فهو حسبه "