الإثنين 16 سبتمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

فى مغامرة متكاملة الأركان للمخرج الراحل عز الدين ذو الفقار انضمت لقافلة السينما المصرية العريقة «الشموع السوداء» نقلاً عن الرواية التركية «تحت ظلال الليل».. وقع ذو الفقار على مسئوليته التامة عن العمل.. سيناريو وحوار وإخراج بأحداث تشد المشاهد.. على مدى يقرب من ساعتين مزجت الرومانسية بالجريمة والأغانى وقليل من الكوميديا للتخفيف من الدموع التى انسالت.. تنافس الشموع.. تحمل أعباءها فؤاد المهندس عمدة الكوميديا فى السبعينيات، وبحمد الله انتهى الفيلم حاصلاً على رضا جميع الأطراف.
تميز الشموع السوداء بانسيابية تعادل خدير المياه.. وكان منتجه بعيد النظر فى اختيار الأبطال.. البطولة الأولى لصالح سليم رئيس النادى الأهلى الأسبق وينتمى إلى عائلة كروية حققت البطولات.. بمساهمة الشقيقين عبدالوهاب وطارق سليم.. وكان لصالح كريزما جاذبة بالغة التأثير.. بالمقابل نجاة الصغيرة.. المطربة التى خلقت فى المجد سميتها نجاة الكبيرة وتمتعت بصوت يجمع بين الإثارة والهدوء.. وكانت رمانة الميزان بالنسبة للعشاق الشباب.. وفى نفس الوقت صاحبة تجربة فى الدراما الخفيفة التى تمر كالسحاب.
هو صاحب القصر.. الشاعر الذى أصيب بفقدان البصر.. واعتزل فى المنزل بعد قصة حب فاشلة.. وهى فى شخصية بنت البلد البسيطة المنكسرة التى عملت عنده كممرضة.. ومعهما الأم أمينة رزق (أحسن من قام بدور الأم على مر السنوات).. ويسكن مع شقيقه فتحى (الراحل العظيم صلاح سرحان) الذى تزوج فى السر من حكمت (ملك الجمل) والتى وجدت الفرصة لتعبر عن تميزها فى الأداء الشرير ممزوجاً بالغموض.
الأشخاص الستة تحملوا مسئولية العمل وشاركهم لأول مرة الكلب البوليسى روى.. ووسط مناخ كلاسيكى واضح.. وقعت الجريمة الغامضة.. مقتل فتحى على يد مجهول.. وأدانت المحكمة الممرضة «إيمان».. لكن أحمد يشعر بأنها بريئة.. ويرى أن القاتل من سكان القصر.. وأثناء مطاردته لهذا الشخص.. يسقط من على السلالم ليجد المخرج الحل الحصرى لشفاء أحمد وعاد مبصراً.. مؤكداً على أمه وصديقه عبدالمعطى بكتم الخبر.. ينجح فى العثور على ما يثبت زواج فتحى وحكمت والأدلة التى اخفتها فوق الدولاب.. عندما يواجهها بالحقيقة تشرع فى قتله أيضا.. لكن الشرطة تصل وتنقذه.. وتضع النهاية السعيدة التى تطمئن جمهور الشاشة والكرة على أحد نجومهم المفضلين.
> حاول ذو الفقار التجديد فى الإخراج.. خاصة فى مشهد المحاكمة.. واستخدام الظل والسلويت.. كما جاءت المشاهد ممتلئة بالمجال.. وساند الفيلم فى النجاح أغنيات ثلاث كتبها إسماعيل الحبروك وكامل الشناوى.. ومازالت يطلبها المستمعون حتى الآن.. ومختلف الأجيال بـ كل شىء راح وانقضى.. ولا تكذبى.. وتبقى الشموع السوداء.. تذكاراً من الزمن الجميل.. زمن الهواية الحقيقية للفن.. والعمل بروح الفريق.. وإن كانت ليست فى مقدمة الأفلام المائة الأفضل.. إلا أنها مازالت تجذب من يمسك بالريموت.. ويجدها تعرض على أحد الشاشات.. إنه إنجاز درامى على ثوب أبيض.. يستحق أن نشكر أسرة الفيلم ومخرجه الذين أسعدونا وتركوا لنا أعمال خالدة.. قبل الرحيل.

تم نسخ الرابط