الخميس 19 سبتمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

سئلت ذات مرة عن مدى سعي وإصراري لتعلم لغة الإشارة. 

فكانت اجابتي في منتهى البداهة والتلقائية وهي التواصل مع الآخر. 

فهذه الفكرة بالنسبة لي أولا، هي جزء من فكرة "تقبل الآخر" والتي أسعد أن احظى بقدر كبير منها، تولدت لدي بفطرة التكييف مع الآخر وقبوله كما هو ثم تم ثقلتها تجربة سفري وذلك  مع الوقت عندما عشت في أوروبا وفتحت أمامي عوالم وآفاق كثيرة بها أناس من كل الجنسيات، الثقافات، الأعراق وخلافه. 

كما أن فكرة التواصل مع الآخر أيا كان لغته هي بالنسبة لي التعرف على ثقافة جديدة، تكسر الحاجز النفسي المبدئي الذي يكون بين الأشخاص، وتساعد المتحاورين على إيجاد أرض نقاش مشترك بل وأكثر من ذلك يكون الحوار مثل رحلة سفر بعيدة لإستقصاء ثقافة الآخر ومعايشته والذهاب معه أينما وكيفما يتحدث.

لا أتصور البتة وجود شخص أمامي دون قدرتي على محاورته بلغته التي يفهمها أو ثقافته التي يعهدها. 

لذلك، أذكر، حين كنت في ألمانيا، وإن كنت أتحدث الانجليزية بطلاقة واتعامل معهم دون أية صعوبة، لكني آثرت أيضاً تعلم بعض مبادئ اللغة الألمانية، وإن كنت لم أحصل منها إلا على بعض المستويات، بعض الكورسات، وذلك بهدف فتح حوار مع الآخر بلغته وإندماجي مع الآخر على قدم وقدر من العلم والمساواة. 

وأرجع الفضل في ذلك خصوصاً وفي تعلم اللغات عموماً إلى أمي والتي وجهت نظري منذ نمولة أظافري إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم والذي يقول "خاطبوا الناس على قدر عقولهم". وكذلك مقولة "من تعلَّم لُغة قوم، أمِن مكرهم". وكان لذلك أثر كبير في حياتي من ناحية تقبل ثقافة الآخر بل وإنتاجها، تعلم الفرنسية والإنجليزية والإسبانية. فقد حرصت أمي على تعليمنا أفضل ما يكون وخلق بيئة راقية للعيش والتعايش.

فما أنصح به، وذلك على قدر تجاربي الحياتية البسيطة،خصوصاً الطلاب والذين أسعد بمقابلتهم والتدريس لهم، هو تعلم الللغات، وليس فقط اللغات الكلاسيكية بمعناها المفهوم، بل أيضاً تعلم لغة الإشارة، تعلم لغة التكنولوجيا، تعلم كل لغة تسمح لك بالتخاطب مع الآخر، والذهاب إلى ثقافته دون حرج، من أجل خلق أرض مشتركة common floor كما يقال بالانجليزية. 

فاللغات بوابة ونافذة على الآخر، تجعلك تكتشف ما قد يكون غائب عنك، والألذ أن يكون بلغته الأصلية. 

تم نسخ الرابط