في أيام هولاكو زعيم التتار وصل الجبن والخوف والفزع بالمسلمين إلى درجة أن ابنته خرجت يوما تتمشى في ضواحي بغداد بعد احتلالها، فرأت مجموعة من الشباب مختبئين في أحد الأقبية، فقالت لهم: عليكم أن تمكثوا هنا حتى أذهب وآتي بسلاحي لأقتلكم، ثم ذهبت لحالها، ونسيت الموضوع ظنا منها بأن هؤلاء الشباب بالتأكيد سيهربون على وجه السرعة، ولكن لما عادت في اليوم التالي وجدت الشباب في مكانهم لم يتحركوا امتثالا لأمرها، فما كان منها إلا أن قتلتهم بالفعل، وهي تقول: (لا يحق للجبان أن يعيش).
ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه في بلد عربي آخر عاصمته ليست بعيدة عن بغداد، إنها لبنان التي هددتها إسرائيل بضربة قاصمة لاقيامة لها بعدها، وتحت هذا التهديد كنا ننتظر أن تظهر قيادات لبنان رفضها لهذا التهديد وأن تعلن أنها سترد عليه بتهديد أقوى وأشد، ولكن للأسف فإن وزير خارجية لبنان فعل كما فعل هؤلاء الشباب الذين انتظروا بنت هولاكو لتقتلهم، حيث صرح بأن جهات مسئولة أكدت له أن الضربة الإسرائيلية التي ستوجهها لبلاده ستكون محدودة.
وهذا تصريح صادم وغريب من قيادة لبنانية رفيعة المستوى كان عليها أن تأبى بكل حزم وعزم أن يتم المس بالتراب اللبناني، وأن تعلن بشموخ وإباء أن أي مس بلبنان ستكون عواقبه وخيمة، ولكن الانبطاح وقبول الهوان انتظارا لتلك الضربة المحدودة، وإعلان الرضا والقبول بها هو دليل خزلان وعنوان جبن.
ومعني هذا التصريح في لغتنا الشعبية المصرية: ((إديني قفاك ومش هوجعك)).