ads
الأحد 22 ديسمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

هل الابتلاء بالمرض يكفر الذنوب؟.. الإفتاء تجيب

خلف الحدث

أجابت دار الإفتاء المصرية على سؤال: هل الابتلاء بالمرض يكفر الذنوب والخطايا؟، قائلة: أن الله عز وجل امتنَّ على عباده بأن جعل صبرهم من غير اعتراض على ما يصيبهم من أذًى سببًا لتكفير ذنوبهم وخطاياهم، فقد ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ، وَلا هَمٍّ وَلاَ حزنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» أخرجه البخاري في "صحيحه".

 

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ وَهُوَ مَحْمُومٌ، فَقَالَ: «كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ»، أخرجه أحمد في "مسنده". فالمريض محلٌّ للعناية الإلهية بصبره على ما نزل به ورضاه بقضاء الله تعالى فيه، وأمره بذلك كله خير.

 

الإبتلاء وعلاقته بتكفير الذنوب 



قال الشيخ عبد الله العجمي أبو كوز، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الله عزوجل لما أراد أن يتعبد الخلق جاءهم من العوارض البشرية مثل المرض وغيره، مما يلحق بهم والنظر إلى هذا المرض على أنه عارض من العوارض أيضًا، مكفر من مكفرات الذنوب، مضيفًا ما من شئ يصيب المسلم من هم أو غم او مرض إلا كان كفارة له، مسترشدًا بالحديث الحصيخ الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، بل وقد بوب له الإمام البخاري بابًا أسماه "باب فضل المرض"، فقال( من يريد الله به خيرًا يصيب منه).

 

وأشار خلال استضافته ببرنامج" فتاوى الناس"، على قناة الناس، أن المريض في معية الله سبحانه وتعالى ابتداءً ولذلك جاء في حديث قدسي فيما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة(إنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ يَومَ القِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أعُودُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟!، قَالَ: أمَا عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلاَناً مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَني عِنْدَهُ! يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أطْعِمُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟! قَالَ: أمَا عَلِمْتَ أنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي! يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أسْقِيكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمينَ؟! قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي).  


 
وأضاف: المرض من موجبات رفع الحرج أي موجبات رفع الإثم أو الذنب عن الإنسان، فإذا أصيب الإنسان بمرض كان هذا المرض من موجبات رفع الحرج عنه: أي أن الله عز وجل لا يعامله معاملة السوي فلا يشق عليه ولا يُطالبه بما يُطالب به الصحيح؛ لأنه في حالة رَضِىَ فيها بقضاء الله تعالى في مرضه فرفع عنه الحرج والجناح، ومعلوم أن كلمة الحرج معناها الضيق  أو التضيق، قالوا: حرجه أي شجر ملتف متشابك فيه ضيق فاستعير هذا المعنى الحسي إلى كل ضيق، ومنه يُقال الحرج أي الإثم والجناح، فالله عز وجل رفع الحرج عن هذه الأمة، فقال تعالى(ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين)، فالإنسان الذي يشق على نفسه بعد أن ابتلاه الله بمرض، إنما يحرج على نفسه ويشق على نفسه، والله سبحانه وتعالى في الأساس غني عن تعذيب العبد نفسه؛ لأن العبادة مَبناها على الأريحية، والله سبحانه يريد العبد خالصًا وغير مشوشًا ومقبلاً عليه في روية ونشاط.

وفي الختام، أكد على أن الأصل من العبادة أن تصل إلى العبودية والخضوع إلى الله تعالى، فالعبادة وسيلة لتحصيل مقصود، والمقصود هو العبودية والإذلال لله والإنكسار لله عز وجل.

تم نسخ الرابط