الخميس 19 سبتمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

كيف نعيد للتعليم الجامعي هيبته ومكانته؟! ومتى يكتسي أستاذ الجامعة حلة الوقار، ورداء المهابة والجلال، وتاج الكبرياء والعزة والكرامة والشموخ؟!
سؤال-في منتهي الأهميةـ نابع من واقع أليم نعيشه في أيامنا تلك..واقع يهدد عرش صرح العلم والمعرفة، وينخر في لبناته، ويزلزل أركانه وقواعده.. واقع يتنافي مع سمو الرسالة التعليمية، ومكانة الشهادة العلمية، وفخامة القيم الجامعية، وهيبة ووقار الأستاذ الجامعي، ومكانته العلمية والأخلاقية، وصورته الذهنية التي تشكلت عبر القرون والأزمان كأحد أهم القوي الناعمة التي تؤثر في وجدان البشرية، وفي أنساقها القيمية والعقدية، وفي تراثها ومكوناتها المادية والحضارية.
سؤال يتبادر إلي الذهن في ظل تنامي هذه الظواهر والتقاليع الغريبة علي مجتمعاتنا العلمية بقيمها وأعرافها وتقاليدها الجامعية التي ترسخت عبر مئات السنين، وتجذرت داخل أروقة الجامعات وبين طلاب العلم وراغبي المعرفة الحقيقية.
سؤال لابد من الإجابة عليه في ظل انتشار الرقص والأغاني الهابطة داخل ثلة من محاريب العلم وبين أروقة بعض الجامعات في ظل ما يسمي ب" حفلات التخرج" التي يسودها الهرج والمرج بين الطلاب والطالبات، لتتحول المحاريب المقدسة إلي مسارح للإسفاف والابتذال، والتراقص والتمايل علي أوتار الكلمات والنغمات.

لنعد لتساؤلنا مرة ثانية في محاولة جادة للوصول لحلول ناجعة ومقترحات فاعلة تعيد لمحراب العلم قدسيته، وللتعليم الجامعي هيبته!!
كيف نعيد للتعليم الجامعي هيبته؟!
نعيد للتعليم الجامعي هيبته عندما يتعلم الطالب الخلق القويم، والمثل العليا، والأخلاق الفاضلة، ويتدثر برداء الفضيلة أثناء دراسته وبعد تخرجه لتكون نبراسا له في مستقبل أيامه، وهاديا ومرشدا لتحقيق طموحاته وأحلامه.
* نعيد للتعليم الجامعي هيبته حينما نقدر طلاب العلم، ونضعهم في مكانتهم التي يستحقونها، ونوفر لهم أسباب التفوق والرقي والتقدم ، ونأخذ بأيديهم للإسهام في نهضة الشعوب وبناء الأوطان.
* نعيد للتعليم الجامعي هيبته عندما نسلط الضوء علي النابغين والمتفوقين والموهوبين بعيدا عن التافهين والمغيبين وأنصاف المتعلمين، وعندما نسلط الضوء علي "حفلات التخرج"التي يكسوها البهاء والوقار، وتكون مصدرا للعز والرفعة والافتخار، وسبيلا لإدخال البسمة والفرحة علي القلوب بعيدا عن الاحتفالات الشعبية، والممارسات الشخصية التي لا تعبر عن جامعات عريقة صدرت العلم للبلدان العربية والإفريقية، وكانت في طليعة كل مضمار.
* نعيد للتعليم الجامعي هيبته حينما نركز جل اهتمامنا علي مؤسساتنا التعليمية، وعلي مراكزها البحثية وسبل تطويرها لتتبوأ المكانة التي تستحقها، وتمتطي جواد التقدم والرقي.
* نعيد للتعليم الجامعي هيبته عندما نلفظ كل سلوك سلبي يتنافي مع قيم المجتمع وأخلاقه وتقاليده، ونضرب بيد من حديد علي أيدي كل من يخرج عن القيم المجتمعية، وعن الثوابت الدينية، وعن القيم والأعراف الجامعية.
* نعيد للتعليم الجامعي هيبته عندما نغرس الوازع الدينى في نفوس طلابنا فيتقيدون بأوامره، ويستمسكون بأحكامه، ويتحرزون عن الإتيان بالأفعال الصبيانية غير اللائقة. ولن يتأتي ذلك إلا من خلال جعل "مقررات التربية الدينية والأخلاقية" مقررات دراسية أساسي في جميع المراحل التعليمية.
* نعيد للتعليم الجامعي هيبته عندما نضع ضوابط صارمة وقواعد حاكمة لمثل هذه الاحتفالات التي تفت في عضد المجتمع، وتهدم مرتكزاته الأخلاقية، ونوازعه الدينية، وتجرف الشخصية المصرية من أدبها الجم، وخلقها القويم، وتقاليدها الأصيلة، وثوابتها القيمية الراسخة.
* نعيد للتعليم الجامعي هيبته عندما نصب جل اهتمامنا علي رفع الوعي الطلابي، وتدعيم النسق القيمي، والاهتمام بالجانب التربوي لنخرج أجيالاً تعرف العلاقة الوطيدة بين التربية والتعليم ، وتدرك أنهما صنوان لا ينفكان، ولا يفترقان عن بعضهما، وأنهما وجهان لعملة واحدة، وأن العلم بلا أدب سيجني صاحبه الهلاك والضياع، وستمقته الأجناس من كل صوب وحدب.

متي يكتسي أستاذ الجامعة حلة الوقار ؟!
* يكتسي أستاذ الجامعة حلة الوقار حينما يؤدي رسالته في تخريج أجيال تقدر قيمة العلم ، وتحافظ علي هويتها، وقيمها المتوارثة، وأخلاقيات مجتمعها الأصيل.
* يكتسي أستاذ الجامعة حلة الوقار حينما يكون أنموذجا يحتذي في العطاء وبذل الغالي والنفيس من أجل رسالته السامية.
* يكتسي أستاذ الجامعة حلة الوقار حينما يحنو علي طلابه، ويعاملهم برفق، ويأخذ بأيديهم نحو طريق النجاح، ويرسخ في أذهانهم قيمة الجد والاجتهاد والكفاح..
* يكتسي أستاذ الجامعة حلة الوقار عندما يصبح قدوة لطلابه بعلمه الغزير، وخلقه القويم، وترفعه عن الصغائر وسفاسف الأمور، ورؤيته الثاقبة للأمور، وقراره الصائب الحكيم في كل ما يدور.
* يكتسي أستاذ الجامعة حلة الوقار عندما يجل أساتذته ويرفع قدرهم، ويعلي شأنهم  ليعلم طلابه كيف يكون التقدير، والتوقير، وكيف يؤثر التعليم في منتسبيه، وكيف تكون العلاقة بين الطالب وأستاذه.
* يكتسي أستاذ الجامعة حلة الوقار حينما ينأي بنفسه عن مثل هذه الحفلات التي لا تعبر عن خريج جامعي جمع بين طياته المعارف والعلوم التي تهذب خلقه، وتقوم سلوكه، وترفع درجته بين الآخرين.

سيعود للتعليم هيبته وللأستاذ كرامته، ووقاره، وجلاله حينما نكرم الخريجين ، وندخل علي أهلهم وذويهم الفرحة والسرور في "حفل تخرج رسمي" يكتسي حلل المهابة والوقار، ويلتزم بالأعراف والتقاليد الجامعية، ويعبر عن هوية مجتمعنا، وقيمه الفاضلة ؛ بعيدا عن التقليد الأعمي والمحاكاة الفاسدة، والأغاني الهابطة؛ لتعود للجامعات عزتها وقوتها وريادتها، مكتسية حلل المهابة والوقار، رافعة راية العلم، حاملة لواء الريادة والعزة والفخار.

تم نسخ الرابط