ذكرى ميلاد أول شيخ لكلية الشريعة بجامعة الأزهر.. تفاصيل لاتعرفها عن حياته
في مثل هذا اليوم العاشر من اغسطس سنة ١٨٧٨م، الموافق الثاني عشر من شعبان سنة ١٢٩٥هـ، ولد الشيخ محمد مأمون الشنَّاوي، أول شيخ لكلية الشريعة بجامعة الأزهر، و شيخ الأزهر الشريف، في قرية الزرقا التابعة حاليًّا لمركز الزرقا محافظة دمياط، وفي القرية الهادئة نشأ الشيخ وترعرع في كنف أب عالم جليل من علماء الأزهر والمتفقهين في الدين، فألحقه بالكُتَّاب لتعلُّم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، فحفظ القرآن وهو في الثانية عشرة من عمره؛ ليلتحق بعدها بالأزهر الشريف بالقاهرة ليعيش مع أخيه (سيد الشنَّاوي) الذي سبقه بسنوات للدراسة والمجاورة في الأزهر، ثم كان بعد ذلك من كبار القضاة الشرعيين.
وبعد تلقيه العلم على يد مشايخه تقدم الشاب المجتهد لامتحان العالميَّة، فاجتاز الامتحان بتفوق، ونال شهادة العالميَّة عام 1906م.
وبعد أن نال الشيخ شهادة العالميَّة، عُيِّن مدرسًا بمعهد الإسكندريَّة الديني، ثم اختير عام 1917م قاضيًا شرعيًّا بالمحاكم الشرعيَّة بعد أن طارت شهرته، وذاع صيته، وضرب أروع الأمثلة في جلال الخُلُق، وسعة الأفق، وطول الباع في الإلمام بأسرار علوم الشريعة.
وبعد صدور قانون تنظيم الأزهر سنة 1930م عُيِّنَ شيخًا لكليَّة الشريعة بعد إنشائها مباشرة بالقرار الملكي رقم (45) لسنة 1931م، وبذلك يصبح الشيخ أول شيخ لكليَّة الشريعة.
ونال الشيخ عضويَّة هيئة كبار العلماء في 28 صفر 1353هـ/ 10 يونيه 1934م.
وفي 27 المحرم 1363هـ/ 23 يناير 1944م تم اختياره وكيلًا للأزهر، كما تولى منصب رئاسة لجنة الفتوى بالأزهر الشريف.
وفي مساء يوم الأحد 7 ربيع الأول عام 1367هـ / 18 يناير 1948م عُيِّن الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مأمون الشنَّاوي شيخًا للأزهر الشريف بعد شيخه الراحل المغفور له الأستاذ الشيخ مصطفى عبد الرازق.
ظلَّ الشيخ يواصل عمله من أجل إعلاء شأن الأزهر، فأخذ كلَّ وقته لدرجة جعلته لا يتمكن من وضع المؤلفات وكتابة الأبحاث إلا القليل النادر، كالبحث الذي قدمه لنيل عضوية هيئة كبار العلماء، وبعض المقالات التي جمعها د. محمد عبد المنعم خفاجى في كتابه (الإسلام ومبادئه الخالدة)، كما أثر عنه قرضه الشعر في شبابه وعشقه للشعر وصنوف الأدب، وقد ترك في مكتبته الكبيرة في بيته بالحلميَّة الجديدة، مجموعة من دواوين الشعر وكتب الأدب، غير كتب التاريخ الإسلامي والبلاغة والفلسفة والأصول والحديث والفقه والتوحيد، ومن تلامذته الكبار: الدكتور محمد حسين الذهبي، والعلَّامة محمد على أحمدين، والعلَّامة محمد أبو النور زهير.
في أواخر أيام حياته مرض الشيخ مرضًا ألزمه الفراش، وتمكن الأطباء من علاجه والقضاء على علته، ورأى الشيخ حاجته إلى الاستجمام في الإسماعيلية عند نجله الأستاذ عبد العزيز الشنَّاوي، فسافر إليها وهو ينعم بالصحة وموفور العافية، ولكن بعد أيام أصيب بنوبة قلبية حادة تمكن الأطباء من مقاومتها، ثم أصيب عقبها بالتهاب رئوي كان أيسر وأهون مما انتابه سابقًا من علل، ومع هذا استعصى دواؤه على الأطباء، وفاضت روحه الطاهرة إلى بارئها فلقي ربه يوم الأحد 21 من ذي القعدة 1369هـ/ 3 سبتمبر 1950م، وشيعت جنازته يوم الإثنين 4 سبتمبر 1950م بما يليق بمكانته التي كانت له في القلوب. رحمه الله رحمة واسعة وأنزله منازل الابرار.