في اليوم العالمي للشباب .. تعرف على جوانب القدوة في شخصية أول سفير في الإسلام
أشار مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، تزامنًا مع اليوم العالمي للشباب، إلى شخصية إسلامية ساهمت بكل ما تمتلك في خدمة الإسلام وإعلاء كلمة الله عز وجل، ولذلك يستعرض أهم جوانب القدوة في شخصية ومسيرة مصعب بن عمير رضى الله عنه، لكي يقتدي الشباب به في حياتهم لنيل رضى الله عز وجل في الدارين.
فهو مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب العبدري.
ومن أهم جوانب القدوة في شخصية ومسيرة مصعب بن عمير رضي الله عنه تكمن في:-
١-قبول الحق
كان من أوائل من أسلم وكان ثريا وجيها وعنده من متاع الدنيا ليس بالقليل، ورغما عن ذلك استجاب لرسالة ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ووهب نفسه في سبيل الدعوة إلى الله بكل ما أوتي من قوة.
٢-التضحية والمثابرة
قبل إسلامه كان شابا غنيا ومترفًا ولا يمنع عن أهله شيئا، وأحسن شباب مكة ثيابًا ومظهرًا، فلما أسلم منع عنه أهله النعمة وتركوه بدون مال ومتعة، وقد قست عليه أمه؛ رجاء أن يرجع عن إسلامه؛ فما زاده ذلك إلا إصرارًا على الحق، وتحملًا لضيق العيش، حتى هاجر من مكة إلى الحبشة، ثم رجع إليها، وقد اختاره رسول الله ﷺ ليكون رسوله إلى المدينة، فهاجر إليها دون أن يأخذ شئ من أمواله أو ممتلكاته.
٣- الهمة العالية وتحصيل العلم وتطوير المهارات
صاحَبَ مصعبُ سيدنا رسول الله ﷺ بعد إسلامه، وحفظ عنه الوحي، وتلقى بين يديه العلم، حتى رأى فيه سيدنا رسول الله ﷺ الصدق والنبوغ والذكاء والحكمة؛ الأمر الذي أهَّله ليكون سفير الإسلام الأول إلى أهل يثرب، قبل أن يهاجر إليهم رسول الله ﷺ؛ حتى يُمهِّد أرض الهجرة لاستقبال النبي ﷺ ونصرة دعوته، ويُعلِّم من آمن منهم ما نزل من شرائع الإسلام.
٤- البراعة في الحديث والمحاورة والإقناع
استطاع مصعب رضي الله عنه بعد هجرته للمدينة وعدد المسلمين فيها قلة أن يُحسن عرض قضيته، وأن يتمثل الإسلام في أخلاقه وكلماته، بلباقة وحسن سمت يُضفي على كلماته البهاء والإقناع، وأنزَلَ الناس منازلهم، وخاطبهم على قدر عقولهم، في براعة محاورة، وبلاغة حجة، وأناقة عرض؛ فأسلم على يديه خَلْق كثير -من السادة والعامة-؛ حتى إن الشخص كان ليدخل عليه وهو حامل حربته يريد قتله فيخرج من عنده مؤمنًا مسلمًا لله سبحانه.
٥- الحكمة والقدرة على تجميع المختلفين
لقد توجه رضي الله عنه إلى المدينة سفيرًا، وأهلها حديثو عهد بحروب طويلة -بين الأوس والخزرج-، ورغم أن الإسلام قد وحدهم وجعلهم إخوة، وقضى على الضغائن والنزاعات بينهم، إلا أن مصعب كان ممن ساهم في ذلك في بداية الأمر؛ إذ استطاع التقريب بينهم بما حظي به لدى الجميع من احترام ووجاهة، وهم من لقبوه بـ «المقرئ»، حتى إن الأوس والخزرج لما اختلفوا حول من يؤمهم في صلاة الجماعة، اتفقوا على أن يكون مصعب هو إمامهم.
٦- الفدائية والشجاعة والثبات
فقد كان حلمه رضى الله عنه هو نشر دعوة الإسلام، وسعى إليه بكل ما لديه من مواهب، بإقدام وثبات وحكمة.
وكذلك لم يكتفِ أن يكون أحد فرسان الكلمة والحُجَّة، بل أيَّد قوله بالفِعال، وكان فارس النِّزال كذلك، فقد تحمَّل المسئولية في أصعب المواقف، فهو حامل راية الإسلام في غزوتي بدر وأُحُد.
ومن هنا مشهد البطولة الأخير الذي ختم به هذا البطل حياته، حيث بدأ بحمل راية الإسلام في غزوة أحد، فكان منه الثبات وحسن البلاء في الله سبحانه، حتى إنه لما أُشيع كذبًا أن رسول الله ﷺ قُتل واضطرب الجيش؛ ثبتَ هذا البطل، وردد قائلًا قول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}. [آل عمران: 144]
وكان همّه الأكبر أن يحافظ على راية الإسلام مرفوعة، حتى إنه جعل عمره فداء هذه الراية، فهذه المسئولية التي حمله إياها رسول الله ﷺ.
ومشهد بطولته تتضح عندمت استهدف المشركون الراية؛ فقُطعت يده اليمنى، فأخذها بيده اليسرى، فقُطعت، فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره، وجعل نفسه فداء له، وظل على هذه الحال حتى لقي ربه شهيدًا رضي الله عنه وعمره 40 عامًا.
وحينما مر عليه النبي ﷺ بعد المعركة قال فيه وفي إخوانه ممن أكرمهم ربهم بالشهادة: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}. [الأحزاب: 23]