الخميس 19 سبتمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

**نعم ..الموت علينا حق بل هو الحقيقة الوحيدة التي ندركها جميعا منذ قدومنا للحياة ولكن بالمقابل الفراق صعب والإحساس مؤلم عندما يرحل عن عالمنا عزيز أو حبيب أو قدوة صالحة نطمئن لوجودهم لجوارنا في رحلة الكفاح والحصاد والتي تنتهي أيضا بالنسبة للجميع بالموت ثم اللقاء في يوم الحج العظيم .
**المشكلة عندما تتضاعف مساحة الحزن وتتجاوز اللامحدود لنعجز معها عن تعبير يلخص إحساسنا ومشاعرنا وكل ما نريد أن ندعو به للفقيد الغالي والكريم ..
الزميلة العزيزة نجوان محرم..سيدة الصحافة المصرية- كما وصفها أخي وصديقي مصطفى عمارة -هي من ذلك النوع الذي يشعرك بالاطمئنان لانك تعلم أنه سندك وداعمك عند الشدائد والأفراح .
**عرفتها منذ قدمت إلى جريدة الجمهورية عقب تخرجها من كلية الآداب عام ١٩٦٥ واقتربت منها عندما كشفت عن موهبة استثنائية في المقدرة المهنية وأعني بها التحقيق الاستقصائي الذي كلفها به الأستاذ محسن محمد -رحم الله الجميع- ونشرته ضمن سلسلة حواري مصر ونجحت في التعبير عما جمعته من حقائق ومعالم وتراث بأسلوب اعتبره الأسلوب المثالي في الخطاب الصحفي ..وسعدنا جميعا عندما صدر بعد ذلك في كتاب ..لازال موجودا على الانترنت يؤكد أن ذكراها ستمتد إن شاء الله إلى وقت طويل ..لقد تركت لنا علما نافعا يستفاد به وهذا ليس بالقليل.
**تنوعت المهام والمسئوليات التي شغلتها الأستاذة نجوان محرم باقتدار سواء كانت أخبارا لجهات مهمة او تحقيقات صحفية متميزة..توجتها بعد ذلك في حريتي الغراء في عمود صحفي بعنوان "رؤية" تنهمر منه الخكمة والذماء ..تعالج فيه مشاكلنا الاجتماعية وهموم الوطن وتستشرف قيه آماله بصدق واجتهاد..
وظلت حريصة على هذا العمود بعد أن تفرغت له تقريبا وخرجت جيلا من الشباب الصحفي سواء في الجمهورية أو حريتي..أصبحوا يشار إليهم بالبنان..وظلت محتفظة بعمودها..ترسله إلى المجلة في الموعد المقرر رغم ما يطرأ على صحتها من مشاكل أو آلام..إلى أن اضطرت للتوقف عن كتابة رؤية لكنها تركت فيها نشر من قبل..منارة مضيئة تكشف الكثير وتنير الطريق أمام من يريد .
**بعد رحيل شريكة حياتي وصداقتها للابنة الوفية التي تعرفت عليها أثناء مسابقة ثقافية عن الكاتب الكبير نجيب محفوظ ..بادرت الأستاذة نجوان  برقتها المعروفة بدعم  ورعاية الابنة الغالية ونقل خبراتها إليها والأخذ بيدها عندما انضمت أماني -هي الأخرى-إلى كتيبة الصحفيين بجريدتنا الجمهورية الغراء..وشقت طريقها بدءا من التحقيقات الصحفية وصولا إاى الإشراف على صفحة يالا شباب ذات العبير الخاص..
**وطوال سنوات وحتى وقت قريب كنا نحن الثلاثة نتبادل الحديث  تليفونيا عن هموم المهنة ومشاغل الحياة وما نحمله من أحلام للتقدم إلى الأمام ..وهذه المكالمات كان لها تأثير السحر  واعتبرناها فيضا صادقا من الود والعرفان.
**وظللنا نفكر دوما في استئناف الاتصال بالزميلة الغالية ونأسف بشدة لأن الوقت سرقنا قبل أن نؤدي تلك المهمة على ما يرام واستبشرنا خيرا بالمقال الرائع الذي كتبه الكاتب الكبير الأستاذ محمد الشرقاوي عن سيدة الصحافة المصرية المحترمة واعتبرناه مناسبة  لعودة الاتصال ومواصلة الود   وقبل أن نأخذ الخطوة .. استيقظنا  على الحقيقة المؤلمة ..النعي الذي نشرته اليوم الزميلة دعاء النجار للكاتبة الغالية نجوان محرم بعد ٢٤ ساعة من رحيلها ..واضعة الحد لمعركة مرهقة تصدت فيها بشجاعة تامة للمرض ولكن جاء اليوم الموعود بالرحيل ..
ولا نقول " وداعا يا نجوان ..بل إلى لقاء قريب " ونرجو من كل من يقرأ هذا الكلام المبادرة بالدعاء لها بالرحمة والمغفرة وسكنى الجنات وإنا لله وإنا إليه راجعون..

نجوان محرم 
تم نسخ الرابط