بعض المؤسسات وبخاصة تلك التي لها دور إصلاحي تربوي في المجتمع تظل مضيئة متلألئة بعطائها، ولها وهجها الذي يظل وضاء يهتدي الناس بهديه في الليل والنهار، لا يكاد يمر على تلك المؤسسة ساعة من ليل أو نهار إلا ورجالها في عمل دائب مستمر، وبعد أن تتغير قيادة المؤسسة فجأة تجدها قد هبط مستوى آدائها، وضعف نشاطها، وانشغلت عن قضايا مجتمعها، وانفصلت عن واقع الناس؛ فينهدم كل بناء أسسته القيادة السابقة، وأخذ الوهن والتخاذل يدب في أوصالها، ونام رجالها عن دورهم الإصلاحي في المجتمع والذي من أجله عينتهم الدولة ووجهتم لتلك المؤسسة من أجل أداء هذا الدور، وبعد أن كانت للمؤسسة خطة استراتيجية تعمل عليها وتنفذها بكل قوة، أهملت الاستراتيجية، وحلت محلها الفوضى والعشوائية.
حتى بدأ الناس يتساءلون، أين الذي كنا نتابعه من نشاط غير محدود لتلك المؤسسة، وكيف انفرط عقد رجالها وكأنهم ذابوا مع حرارة الشمس فلم يعد لهم ذكر ولا دور، وأخطر ما في الأمر عودة خفافيش الظلام وثعالب خراب المجتمع وتهديد أمنه من أهل الشر فبدأوا يستعيدون نشاطهم، ويزحفون شيئا فشيئا إلى منصات منعوا منها، حتى إننا سنفاجأ بهم وهم يحتلون كل المنصات والمنابر ليخرجوا لسانهم للجميع قائلين ها نحن قد عدنا، وإلى أدوارنا قد عزمنا، وإلى منصاتنا سنصعد ونقول.... ونقول.
أفكار شاذة منحرفة
نسأل الله أن يعوض مثل هذه المؤسسة عن جهود بذلت، وأموال صرفت، وأفكار شاذة منحرفة هزمت، وها هو ذا كل شيء بدأ يعود وبأشد مما كان، وأخذ الناس يتحسرون على زمن فات، وعلى قائد للمؤسسة كانت له استراتيجية معروفة، وغايات مدروسة يريد من خلالها أن يصل إلى أهداف محدودة معلومة، كانت أوشكت أن تجعل من مصر واحة للأمن والأمان والطمأنينة والسكينة.
ولكن في ضربة لازب، ومن غير أسباب محددة المعالم، أقيل القائد .. ومهما كانت عظمة القائد القادم، ومُكْنتِه ومكانه، فلن يستطيع أن يصل إلى أغوار تلك المؤسسة التي أعجزت كل من سبقوه إلا رجل اختاره الله، فكان مختارا، وسوف يتمنى عودته كل من تسببوا في إخراجه من غير ذنب جناه، ولسوف يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.