الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

علي الرغم من الإسهامات الكبيرة  والإضافات الثرية التي أفرزتها التطورات التقنية عبر الفضاء الإلكتروني، وبزوغ التحول الرقمي الذي أفرز سهولة في التعامل بين الأفراد، ويسر قضاء خدماتهم وحاجاتهم، وعلي الرغم من التواصل الاجتماعي الذي شهد طفرة لم يسبق لها مثيل في بيئة الإنترنت؛ فإن هذه المنجزات التقنية والاتصالية لم تكن التغيرات الوحيدة التي أنتجتها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي غزت بيئة الإنترنت، واعتمد عليها الجمهور بشكل كبير.
لقد ظن البعض أن التقدم التقني والتطور العلمي والتغول في الواقع الافتراضي خير مطلق ومنقبة كبري، وفتحا عظيما، ونصرا مؤزرا، وذلك علي خلاف الواقع الذي أثبت عكس ذلك، وبرزت ملامحه في بعض الظواهر السلبية التي طفت علي سطح شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي ، وألقت بظلالها علي الجماهير، وأصبحت محل جدال ونقاش ومثار اهتمام لدي الكثيرين لخطرها الداهم علي الفرد والأسرة، وتوغلها بين ثنايا شرائح كبيرة من طبقات المجتمع.
وقد أضحت هذه الظواهر والآثار السلبية التي خلفتها التقنيات الرقمية الحديثة واقعا لا يمكن الفكاك منه، أو الهروب من تبعاته وآثاره، بعدما أفرزت البيئة الافتراضية ظاهرة سلبية انتشرت بين جماهير مواقع التواصل وهي "المراهنات الإلكترونية" التي تستهدف اصطياد الشباب، والاستحواذ علي أموالهم ومدخراتهم، ودفعهم للتشبث بأحلام الثراء الفاحش دون بذل مجهود أو معاناة، وهي من أخطر الظواهر التي ترسخ ثقافة الاتكالية والخمول والاعتماد علي الحظوظ بعيدا عن التفاني في العمل وتحقيق الأحلام والطموحات بالجد والاجتهاد والسعي في مناكب الأرض، وبذل الغالي والنفيس لتحقيق الآمال والتطلعات.
وقد ارتكزت هذه الظاهرة علي الاحتيال، وتغييب العقول، وإيهام الشباب بقدرتها الفائقة علي تحقيق الربح السريع للاعبيها، بعدما يقوم هؤلاء الشباب بإنشاء حساب علي المنصة، والمراهنة بمبلغ مالي زهيد عبر الاشتراك في لعبة معينة، والتربح من عدة جولات، وإضافة الكثير من الرهانات الكبيرة ، لتلحق به في النهاية خسارة الأموال الكثيرة.
وإمعانا في اللعب بعقول الشباب، وجذبهم نحو هذه المراهنات تقوم بعض المواقع الإلكترونية بالترويج لبعض هذه الألعاب وإغواء الشباب بالمشاركة فيها. ومن بين المنصات الأكثر انتشارا في مجال المراهنات منصة 1XBet التي تتيح للجمهور المراهنة بمبلغ بسيط، وتحقيق مكاسب مغرية، ثم يضاعف الشباب الرهان ليخسر جميع أمواله، ليؤثر ذلك علي علاقاته بالآخرين وصحته النفسية، وقواه العقلية. 
وقد وقع في فخ هذه المنصة العديد من اللاعبين والمشهورين الذين أغواهم حصد الثروات وجمع المزيد من الأموال والضيعات لتصبح هذه المنصة من أبرز المنصات في مجال المقامرات والمراهنات.   
وتعد ظاهرة "المراهنات الإلكترونية" من أخطر الظواهر والألعاب الإلكترونية التي انتشرت بين الشباب، والتي أدت إلي تكبدهم خسائر فادحة جراء المقامرة بمبالغ مالية يفقدها الشباب بسهولة، لتحيط به المشكلات المادية والنفسية التي تجعله يجنح للتعويض بأي شكل من الأشكال ، وقد يصل به الحال للتعرض لأموال الآخرين وإزهاق أرواحهم، وقد تصل ببعضهم إلي الانتحار والتخلص من حياتهم.
وهذه الظاهرة تحتاج إلي وضع حلول لمجابهتها قبل أن يتستفحل خطرها، ويعم ضررها، وتنتشر بين أبناء المجتمع، وتحدث خللا في النسيج المجتمعي والبناء الأخلاقي، والمكون الاقتصادي والثقافي. 
ومن الحلول الناجزة لهذه الظاهرة التوعية بمخاطر الانزلاق لمثل هذه المراهنات، وتسليط الضوء علي مغبتها، والتحذير من الوقوع في براثنها، وإحياء الوازع الديني لدي الأفراد، وتبيان مآلات الوقوع في مثل هذه الأمور، وحكم الشرع فيها، مع الضرب بيد من حديد علي أيدي هذه العصابات والكيانات التي تعتمد علي إيقاع فريستها بكل السبل، وإجراء العديد من المحاضرات والندوات التوعوية التي تسلط الضوء على مثل هذه الظواهر الدخيلة علي مجتمعاتنا، الغريبة علي قيمنا وأعرافنا.

تم نسخ الرابط