قصة 90 أغنية مع أم كلثوم وخلافات وقطيعة ل3 سنوات.. ذكرى وفاة السنباطى
يعد أحد أعمدة الموسيقى العربية الكلاسيكية، ومن أبرز الملحنين الذين ساهموا في تطوير الفن الموسيقي العربي، وكان لديه قدرة على دمج الألحان التقليدية بأساليب جديدة مع الحفاظ على الأصول الكلاسيكية.
ابتكر السنباطي العديد من المقطوعات الموسيقية التي تجاوزت حدود الزمان والمكان، وحقق نجاحًا كبيرًا في تلحين قصائد لأم كلثوم.
وفي ذكرى رحيله نعرض أبرز المحطات في حياته:-
مولد ونشأة رياض السنباطي
في إحدى مدن محافظة دمياط وبالتحديد مدينة فارسكور ولد رياض السنباطي لأسرة فنية تعاني من ضيق المعيشة وأب يعمل مقرئا تعود الغناء في الموالد والأفراح والأعياد الدينية في البلدات والقرى الريفية المجاورة
التحق السنباطي في بداية حياته بأحد الكتاتيب إلا أنه لم يكن مقبلاً على الدراسة والتعلم وسرعان مااكتشف والده إقباله وولعه بفنون الموسيقى العربية والغناء تعلم السنباطي أصول الموسيقى واللحن في سن مبكرة، تعود بدايته الفنية إلى أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين، تعلم السنباطي أصول الموسيقى بدأمشواره الفني بتأليف الألحان وكتابة الموسيقى ولكن كيف تحول السنباطي من ذاك الفتى البسيط إلى فنان أشهر من نار على علم ؟
حقق السنباطي شهرة كبيرة عندما بدأ العمل مع الفنانة أم كلثوم في الأربعينيات بلغت ألحان رياض السنباطي لأم كلثوم أكثر من 90 أغنية على مدى ما يقرب من أربعة عقود
و كان أول تعاون بينهما من خلال أغنية "على بلد المحبوب ودينى"، التي قدماها في عام 1935 وحققت نجاحاً كبيراً. بعد ذلك، لحن رياض لأم كلثوم أغنية "النوم يداعب عيون حبيبي"، التي كتب كلماتها أحمد رامى. أعجبت أم كلثوم بالأغنية وقدمتها في حفلها الشهري على مسرح قاعة إيوارت التذكارية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، مما مهد الطريق لنجاحاتهما المستمرة معاً.
و هذا التعاون كان نقطة تحول في مسيرته، وجعل منه واحدًا من أبرز الملحنين في العالم العربي تميز السنباطي بأعماله التي دمجت بين الأصالة والابتكار، كما أن هذا التعاون ساهم في تقديم موسيقى جديدة قدم السنباطي لأم كلثوم العديد من الأغاني
فعلى الرغم من أن أغاني السنباطي لأم كلثوم ساهمت في تعزيز مكانته كملحن بارز وأن هذه الأغاني كانت تُعد من أبرز المحطات في مسيرة أم كلثوم الفنية إلا أن هذا لم يمنع من نشوب خلاف بينهما، ولكن السؤال هنا ماهي الأسباب التي أدت إلى انتهاء التعاون بينهما، وهل أثرت هذه الخلافات على مسيرة كليهما ؟
الخلافات بين رياض السنباطي وأم كلثوم
تسببت الخلافات بين رياض السنباطي وأم كلثوم في قطيعة دامت ثلاث سنوات، وذلك بسبب اعتراض كوكب الشرق على فقرة غنائية في أغنية "يا طول عذابي"، فقد طلبت أم كلثوم تعديل هذه الفقرة معتبرةً أنها تكرار للحن سبق أن قدمه لها محمد القصبجي، من جانبه رفض رياض السنباطي تعديل المقطع وأصر على موقفه، مما أدى إلى تصاعد الخلاف بينهما.
في فترة الخلاف بين السنباطي وأم كلثوم، برز بليغ حمدي على الساحة كخيار جديد لمساندة أم كلثوم في مواجهة تحديات الأجيال الجديدة، شعرت أم كلثوم بأنها بحاجة إلى بليغ رغم أن موسيقاه كانت تتسم بالبساطة وابتعادها عن التعقيد الطربي التقليدي. لذا، قررت التنازل عن بعض ضوابطها لتستفيد من قدراته، حيث أن الجمل الموسيقية التي قدمها كانت تجذب الأذن بسرعة وتجعلها محببة للنفس، حتى وإن كانت تفتقر إلى التعقيد الطربي المعتاد، دور أم كلثوم هنا كان إضافة لمساتها الساحرة وارتجالاتها الفريدة ليتكامل العمل الفني ويحقق التوازن بين التقليدي والحديث.
من الممكن أن تستمر أم كلثوم في التعاون مع بليغ لفترة طويلة، أم ستعود للعمل مع السنباطي؟
بعدما ابتهجت أسارير بليغ بعد تعاون أم كلثوم معه إلا أن هذه الفرحة لم تدم طويلاً إذ أن أم كلثوم لم تقدر على الاستغناء عن فن وموهبة "السنباطي"، مما جعل من الصعب عليها الاستمرار في القطيعة.
لذلك، حاولت إنهاءها بكل الطرق الممكنة، فاستعانت بوساطة أحمد ليتحقق مما إذا كان "السنباطي" مستعدًا لتعاون فني جديد، وافق رياض السنباطي على هذا الشرط لكنه طلب أن تتصل أم كلثوم بنفسها وتطلب منه ذلك، استجابت كوكب الشرق لهذا الشرط، وعاد التواصل بينهما، ليبدآ العمل معًا على رائعتهما "فاكر لما كنت جنبي".
ولكن هل سيبقى بليغ صامتًا حيال تفضيل كوكب الشرق السنباطي؟
استشاط بليغ غضبًا بعد أن سحبت أم كلثوم قصيدة "من أجل عينيك" منه وقررت إسناد تلحينها إلى الفنان رياض السنباطى وعندما سأل أحد الصحفيين بليغ حمدي عن رأيه في الأغنية، أجاب بأنها ليست لحناً بالمرة ولا تضيف شيئاً.
وقد علق علي هذا الفنان عبدالوهاب في مذكراته وأشار إلى رأيه في بليغ حمدي قائلاً إنه لا يرى جمال ألحان الآخرين، لأن تركيزه ينحصر في نفسه فقط، وأضاف أنه إذا قمت بمدحه سيطلب المزيد ثم يتفاخر كديك رومى وخلص عبدالوهاب إلى أن بليغ يفتقر إلى خجل الفنان الكبير،
وهنا نطرح سؤال كيف سيقابل السنباطي إساءة بليغ حمدي؟
عندما قدم أحد صحفيين مجلة الشبكة إلى السنباطي ليعبر عن رأيه في بليغ حمدي، رد السنباطي بهدوء قائلاً إن بليغ يعتبر من الموهوبين الواعدين وقد يكون له مستقبل كبير. وأضاف أنه يتفهم موقف بليغ بعد أن اختارت أم كلثوم لحنه.
سر خلاف السنباطي وبليغ.. كوكب الشرق أم أسباب أخرى؟
لم تكن كوكب الشرق هي السر الوحيد لخلاف السنباطي وبليغ حمدي فقد كان هناك خلاف أخر مرتبطًا بشكل رئيسي بالأمور الفنية والإبداعية. محمد عبد الوهاب كان له دور أيضًا في هذا الصراع حيث كان له تأثير على الاتجاهات الموسيقية في تلك الفترة. بليغ حمدي كان يميل إلى التجديد والإيقاع المبتكر، بينما كان رياض السنباطي محافظًا في أسلوبه، مما أدى إلى توترات بين الاثنين.
بالإضافة إلى ذلك، هناك روايات تشير إلى أسباب شخصية ومهنية أخرى ساهمت في الخلافات بين السنباطي وبليغ حمدي.
بليغ حمدي كان يشكك في تقنيات السنباطي التقليدية، بينما كان السنباطي يرى في أسلوب حمدي تطورًا لا يتوافق مع التراث الموسيقي الكلاسيكي.
وفاة رياض السنباطي
توفي السنباطي في 10 سبتمبر 1981، ولكن إرثه الموسيقي بقي حيًا ومؤثرًا في الأجيال الجديدة من الفنانين والمستمعين تاركاً وراءه كنزًا من الإبداع الفني الذي سيظل خالدًا في تاريخ الموسيقى.