وفاة صفية بن زقر رائدة الفن التشكيلي السعودي
رحلت اليوم رائدة الفن التشكيلي السعودي، الفنانة صفية بن زقر، بعد مسيرة فنية غنية أثرت المشهد الثقافي والفني في المملكة. وُلدت صفية بن زقر في قلب مدينة جدة القديمة عام 1940، حيث ارتبطت منذ ولادتها بتراث المدينة العتيق وجمالها الفريد.
مسيرة الفنانة صفية بن زقر
انتقلت عائلتها إلى القاهرة في أواخر عام 1947، لكنها عادت إلى جدة عام 1963 لتجد تغييرات جذرية في نمط الحياة والعادات التي نشأت عليها.
وكان لتلك التغييرات تأثير كبير على صفية، إذ لم تجد سوى ريشاتها لتوثيق التراث والذكريات التي كانت في طريقها للاندثار. بدأت رحلتها الفنية بإصرار على استرجاع ملامح المدينة القديمة، محاولاً إحياء عاداتها وتقاليدها عبر لوحاتها.
هذا الإلهام جعلها تشعر بأن لديها مهمة هامة لحفظ التراث السعودي من النسيان، وهو ما قادها إلى تأسيس "دارة صفية بن زقر" في عام 1995، بعد ثلاثين عاماً من العمل الفني المتواصل.
الدارة تعتبر اليوم إرثاً ثميناً يتضمن لوحاتها ومقتنياتها الفنية، إضافة إلى مرسمها ومكتبتها الخاصة التي تحتوي على أكثر من 5 آلاف كتاب في الأدب والفن، ما يجعلها مصدراً قيماً للباحثين والمهتمين.
إصدارات صفية بن زقر
في عام 2000، أصدرت صفية كتابها "رحلة عقود ثلاثة مع التراث السعودي"، الذي سلط الضوء على أهداف دارتها ونشاطاتها في توثيق التراث بشكل جمالي وبنّاء، وبجانب أعمالها التوثيقية، كانت صفية من أوائل مؤسسي الحركة التشكيلية في السعودية، وبدأت مسيرتها الفنية بإقامة أول معرض لها في عام 1968 في مدرسة دار التربية الحديثة بجدة، وهو معرض كان بمجهودها الخاص في غياب صالات العرض المتخصصة في ذلك الوقت.
نجحت تجربة المعرض الأول نجاحاً كبيراً، مما شجعها على تنظيم المزيد من المعارض في مدن سعودية مختلفة مثل الرياض وجدة والظهران والجبيل والمدينة المنورة وينبع وأبها، كما نظمت معارض دولية في باريس وجنيف ولندن، ليصبح لها حصيلة من 18 معرضاً شخصياً و6 معارض جماعية.
لقد جعلت صفية بن زقر من فنها وسيلة لإحياء التراث السعودي، مما أكسبها شهرة محلية ودولية كفنانة مبدعة وملتزمة بحفظ الذاكرة الثقافية للبلاد.
ويمثل رحيلها خسارة كبيرة للمشهد الفني، لكنه أيضاً يذكّرنا بإرثها الثمين وإسهاماتها التي ستظل حية في ذاكرة الثقافة السعودية.