كتبت الكاتبة والأدبية المصرية والنسائية لطيفة الزيات عام 1960 رواية بعنوان الباب المفتوح، وصنفت هذه الرواية من ضمن قائمة أفضل مئة رواية عربية.
تعد تلك الرواية البداية الفعلية التي فتحت الطريق أمام الرواية الواقعية للكاتبات المصريات.
وتمثل بشكل كبير الواقع الذي كان ومازال موجودا في المجتمع المصري خلال فترة الخمسينات في القرن العشرين وحتى الآن. وتحسب هذه الرواية ضمن روايات الأدب النسائي المصري في العصر الحديث.
تم إنتاج الرواية كفيلم سينمائي من بطولة فاتن حمامة وصالح سليم وحسن يوسف ومحمود مرسي، كما شارك في كتابته الكاتب يوسف عيسى والمخرج هنري بركات وذلك عام 1963.
كما حصلت الرواية على جائزة نجيب محفوظ عام 1996.
واستوقفني مشهداً غاية في الروعة أداه الممثل صالح سليم والذي كام يقوم بدور حسين والفنانة الجميلة فاتن حمامة والتي كانت تقوم بدور ليلى.
ولهذا المشهد أثر كبير في نفسي، أولا لأنه مجرد خطاب تقرأه بطلة الفيلم فاتن حمامة والصوت في الخلفية هو صوت البطل صالح سليم، حين كان مسافراً ويرسل لها جوابات الواحد تلو الآخر ليؤكد لها حبه وتمسكه بها ويشجعها على الثقة في نفسها وبناء شخصيتها بحق.
ثانياً، لأن هذا المشهد يوضح دور الرجل الحقيقي المساند والذي يقوم من وجهة نظري المتواضعة بدور "القوامة" بالمعنى الحقيقي والفعلي للكلمة.
ففي خطابه يقول لها: "أنا أحبك وأريد منك أن تحبيني، ولكني لا أريد منك أن تفني كيانك في كياني ولا في كيان أي انسان. أفتحي الباب للحياة عريضاً على مصراعيه، و اتركيه مفتوحاً و في الطريق المفتوح ستجدينني في إنتظارك.
"لا أريد لك أن تستمدى ثقتك فى نفسك وفى الحياة منى أو من أى أنسان، أريد لك كيانك الخاص المستقل، والثقة التى تنبعث من النفس لا من الاخرين، عندما يتحقق لك هذا لن يستطيع أحد أن يحطمك لا أنا ولا أى مخلوق، تستطيعين أن تلطمى من يلطمك وتستأنفى المسير، تستطيعين أن تربطى كيانك بكيان الآخرين، فيزدهر كيانك وينمو ويتجدد، واذ ذاك فقط تحققين السعادة فأنت تعيسة يا حبيبتى، وقد حاولت ، ولم تستطيعى، أن تخفى عنى تعاستك".
وواصل: "ستجدين حبا، أكبر منى ومنك، حبا كبيرا، حبا جميلا.. حبا لايستطيع أحد أن يسلبك اياه، حبا تجدين دائما صداه يتردد فى الاذن، وينعكس فى القلب ، ويكبر به الانسان ،فانطلقى يا حبيبتى، افتحى الباب عريضا على مصراعيه، واتركيه مفتوحا..وفى الطريق المفتوح ستجديننى يا حبيبتى، أنتظرك، لأنى أثق بك، وأثق فى قدرتك على الأنطلاق ، ولأنى لا أملك سوى الانتظار… انتظرك".
أراد منها القوة، وليس استغلال ضعفها، أراد منها المشاركة وليس القبول بالسيطرة، أراد منها أن تبني نفسها بنفسها، مع العلم أنه دائماً بجانبها أو كما يقال دائماً بالعامية المصرية "في ضهرها".
تقال مقولة" وراء كل رجل عظيم امرأة"، أكاد أن أجزم أيضاً أن وراء كل امرأة قوية وشجاعة رجل محترم، يساندها ويحميها.
حين استوقفني هذا المشهد، عدت للواقع الذي نعيشه، وشاهدت أن الكثير من ضعاف النفوس ومن ضعاف الشخصية يحاولون السيطرة على إرادة المرأة وتوجيهها لما فيه مصلحة شخصية لهم.
ولم أجد افضل من العنوان الحالي وهو من "الباب المفتوح إلى العقل المغلق"، لأن الراغب في التحكم والسيطرة لا اجد له وصفا غير صاحب العقل المغلق.
لأن بإسقاط الواقع العملي للحياة، تستجيب المرأة لرغبة الأسرة ورغبة من تحب دون الحاجة للسيطرة عليها أو تهميشها.
لا أجد حلا لمثل هذه المواقف، سوى قوة المرأة وثقتها بنفسها تماماً كما نصح حسين ليلى في الفيلم.
لأن قبل أن تكون امرأة فهي "إنسان" له كرامة ، كيان، وإرادة واجبة الاحترام والتقدير. لاسيما إذا كانت هذه المرأة لديها من المؤهلات الشخصية والعلمية ما يفتح لها الباب المغلق يصبح "الباب المفتوح".