السبت 05 أكتوبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

عندما فتح المسلمون بلاد الأندلس (البرتغال وأسبانيا) ، كان أعداؤهم يتحينون الفرص ليحتلوهم ويقضوا عليهم؛ ومن أجل ذلك كانوا يرسلون إليهم جواسيسهم لينظروا حالهم وبخاصة أحوال الشباب، فكانوا يجدون الشباب دائما على همة وعزيمة في طلب العلم والعمل، فيقولون لمن أرسلوهم:  لم يحن الموعد بعد، ومع مرور السنين، ذهبت الجواسيس لتنظر في حال الناس، وأثناء تجولهم وجدوا شابا يجلس وحيدا تحت ظل شجرة وهو يبكي بحرقة شديدة، فاقتربوا منه وسألوه: مالذي يبكيك يافتى: قال: كنت أعطيت موعدا لحبيبتي كي نلتقي في هذا المكان، ولكنها تأخرت ولم تأت، لهذا بكيت، فنظر الجواسيس إلى بعضهم بعضا وابتسموا، ثم أرسلوا إلى قومهم أن تجهزوا للغزو، فقد دخل الخور والوهن والانشغال بالسفاسف والتافهات من الأمور قلوب شبابهم، ومن هنا كانت نقطة البداية لسقوط بلاد الأندلس، ذلك الفردوس العربي المفقود الذي خرج المسلمون منه منهزمين منكسرين بعد ما يزيد عن ثمانية قرون وصلوا فيها إلى قمة التقدم والحضارة، لقد خرجوا منها وكأنهم لم يدخلوها.
وما أشبه اليوم بالبارحة، فقد تشربت قلوب شباب العرب والمسلمين في زمننا هذا عشق حبيبة شغلوا بها في ليلهم ونهارهم يفرحون بها إذا رأوها راضية عنهم، مقبلة بسحر جمالها عليهم، ويبكون- بل قد ينتحرون- إذا أعرضت عنهم وذهبت إلى غيرهم، واتهموا خصمهم العاشق بأنه أغراها بماله، وخدع أهلها بمكره ودهائه فأخذها بغير حق ونالها على غير رضا منها.
وليتها حبيبة إنسانة لها مشاعر وأحاسيس  كحبيبة ذلك الفتي الأندلسي، وإنما هي لعبة تتقاذفها الأقدام هنا وهناك، إنها (كرة القدم)
فيا أسفا!!
على محبوبة حقيرة مهانة لا مكان لها إلا بين الأقدام ركلا ودفعا، استطاعت أن تستولي على عقول وشباب الأمة حتى ألهتهم عن الانشغال بمعالي الأمور وعزائم الهمم، وأن لا يتنبهوا إلى عدوهم المترصد بالباب والذي يقتل ويشرد الرجال والنساء، والشيوخ والشباب، والبراءة في الأطفال، ويهدم البيوت، ويهلك الحرث والنسل من إخوانهم وجيرانهم الأقربين.
وإذا كنت- أيها اللاهي المشغول بسفاسف الأشياء  وتوافهها- تظن أنك ناج، فلتحذر فإن العدو إذا كان اليوم في بيت جارك، فغدا ستجده يحطم عليك بيتك وبابك، وساعتها سنقول جميعا بعد فوات الأوان: " أُكِلنا يوم أُكِل الثور الأبيض"
ونخشى من يوم قريب تعودنا فيه عوادي أهل الأندلس، إذا لم نتيقظ ونخرج من تيه تلك الدوامة التي قد تبتلعنا جميعا.

تم نسخ الرابط