بعد تصريح رئيس مجلس الوزراء.. ما المقصود بجملة «اقتصاد الحرب»
لمَّح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي اليوم، أنه بسبب التوترات المتزايدة في المنطقة والتي لها تداعيات كبيرة على الوضع الداخلي والاقتصاد المصري، تدفع الحكومة لاتخاذ إجراءات وقرارات سريعة للتعامل مع تلك التطورات، وأن الحكومة قد تجد نفسها مضطرة لإعلان «إقتصاد الحرب» استعدادًا لأي تحديات قد تؤثر على الأمن القومي، فما هو اقتصاد الحرب؟
اقتصاد الحرب
اقتصاد الحرب هو أن يكون هناك إجراءات استثنائية على المستوى الاقتصادي، يتم اتخاذها في حالة نقص سلاسل الإمداد في حالة حدوث حرب إقليمية بالمنطقة، ويتم العمل بشكل مستمر على توفير الموارد اللازمة لتوليد الطاقة، كما أنه تم وضع خطة طوارئ للتعامل مع أي أزمة في المنطقة، كما ذكر المستشار محمد الحمصاني المتحدث باسم مجلس الوزراء في تصريحات تليفزيونية.
اقتصاد الحرب «war economy» هو مجموعة من إجراءات الطوارئ التى تتخذها الدولة لتعبئة اقتصادها للإنتاج خلال فترة الحرب، لوضع نظام لإنتاج الموارد وتعبئتها وتخصيصها لدعم المجهود الحربى، وتشمل أيضًا اتخاذ بعض الإجراءات لزيادة معدلات الضرائب.
وبحسب موقع «إنفستوبيديا» فإن اقتصاد الحرب، يعني أنه تعتمد الدولة قوانين استثنائية تتيح لها السيطرة على كافة موارد البلاد، وتُلزم الشركات والمصانع بتطبيق تغييرات جوهرية لتحقيق الأهداف المحددة، كما يشمل هذا التغيير أيضًا الضرائب بكافة أنواعها وكيفية توزيعها في الموازنة العامة للدولة.
ظهور اقتصاد الحرب للمرة الأولى
ظهر مفهوم اقتصاد الحرب للمرة الأولى خلال الحرب الأهلية الأمريكية في 1861 إلى 1865، وظهر أيضًا في خطاب للرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، خلال الحرب العالمية الثانية، في خطاب له عندما قال انه عند فوز دول المحور فيتعين عليهم التحول لقوى عسكرية تبنى على أساس اقتصاد الحرب.
أشهر الحالات التي طبق فيها اقتصاد الحرب
تعد الحرب العالمية الأولى والثانية من أشهر الحالات التي طبق فيها اقتصاد الحرب، في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، إذ أنشأت أمريكا خلال الحرب العالمية الأولى مجلس الصناعات الحربية، لتزيد الإنتاج الحربي، وادخلت التوقيت الصيفي لتوفر الفحم والنفط، وزيادة إنتاج الحبوب، أعادت نفس الإجراءات في الحرب العالمية الثانية، مع فرض ضرائب وسندات حرب.
وفي ألمانيا بسبب إعلان حالة اقتصاد الحرب تضرر القطاع الزراعي في الحرب العالمية الأولى، أدى إلى نقص المواد الغذائية، وفرض نظام ترشيد غذائي، وتحديد حد للأسعار لمنع ربح التجار، وأدت كل تلك التدابير الألمانية إلى انهيار اقتصادي بعد الحرب، ولكنهم تعلموا منها في الحرب العالمية الثانية، إذ قاموا ببناء المصانع لتلبية متطلبات التوسع العسكري، وأدى ذلك لتوفير الكثير من الوظائف، كما استخدم الألمان اقتصاديات الدول التى قاموا باحتلالها على رأسها فرنسا، لدعم مجهودهم الحربي.
تطبيق «اقتصاد الحرب» فى مصر
طبق اقتصاد الحرب في مصر فى الفترة من 1967 حتى عام 1973، إذ أدت هزيمة 67 إلى نتائج صعبة على الاقتصاد المصرى، منها فقدان مصر 80% من معداتها العسكرية، ما أدى إلى شراء معدات عسكرية بديلة، وفقدان سيناء بثرواتها البترولية والمعدنية وإمكانياتها السياحية، كذلك فقدان مصر إيرادات قناة السويس، والتى بلغت عام 1966 نحو 95.3 مليون جنيه، حوالى 219.2 مليون دولار فى ذلك الوقت بما يمثل 4% من الناتج المحلى الإجمالى ذلك العام، كما بلغت خسائر العدوان على منشآت قناة السويس مليار جنيه، مع فقدان 37 مليون جنيه من الإيرادات السنوية، وتدمير فى 17 منشأة صناعية كبيرة بخسائر بلغت 169 مليون جنيه.
وأدى ذلك لإطلاق مصر حملة قوية تحت شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، لخفض معدلات الاستهلاك، وخفض نسبة الواردات وزيادة معدلات الادخار، كذلك إطلاق حملة لتشجيع المنتجات المحلية ما ساهم فى زيادة الإنتاج المحلى، وإطلاق حملة للتبرع إلى المجهود الحربى على كل المستويات.
وفي حالة نشوب الحرب وضعت مصر إجراءات التعبئة الاقتصادية، وهي تحويل الموازنة العامة إلى موازنة المعركة لتوفير جميع طلبات القوات المسلحة خلال الحرب وتمويل كل المتطلبات الناتجة عنها، وإعادة النظر فى خطة التصدير والاستيراد لتوفير النقد الأجنبى، مع العمل على إحلال المنتجات المحلية بديلا للمستوردة، وتخفيض الاستثمارات مع تأجيل تنفيذ المشروعات التنموية الطويلة الأجل التى ليس لها مردود فى العام نفسه، أو لا علاقة لها بالمعركة، كذلك تخفيض فى أنواع الإنفاق المختلفة بالمصالح الحكومية والقطاع العام، وإطلاق «سندات الجهاد»، وهى شهادات استثمارية الهدف منها دعم الدولة والقوات المسلحة خلال الحرب وتم طرحها للمواطنين فى جميع البنوك، وبلغت حصيلة تلك السندات بعد شهر واحد فقط من بدء الحرب 7 ملايين جنيه، وفى وقت لاحق من العام نفسه أعلنت الحكومة أن الاكتتاب فى «سندات الجهاد» إجبارى، باستثناء محدودى الدخل من المواطنين.
هل تستدعي الظروف الحالية فرض اقتصاد الحرب؟
قالت الدكتورة علياء المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة الأسبق، في تصريحات صحفية لها، إنه في حالة إعلان اقتصاد الحرب سيكون هناك بعض القيود والشروط المفروضة على أنشطة معينة في الدولة، وتراجع حجم الجوانب الاستهلاكية، بالإضافة إلى تقليل الإنفاق الحكومي في الجوانب المدنية، وأن سيكون هناك ارتفاع في الإنفاق على الجانب العسكري.
وأكدت في تصريحاتها أن الأوضاع في مصر لا تستدعي إعلان اقتصاد الحرب في الظروف الحالية، لأنها ليست طرفًا في أي حرب أو نزاع، ولا يتم عمليا في الظروف العادية إعلان تنفيذ خطة اقتصاد الحرب إلا عندما تكون مصر طرفًا مباشرًا في الحرب.