كان من أهداف الكيان الصهيوني في معركة طوفان الأقصى القضاء على حماس، وتحرير الأسرى، ومن أجل هذا فعلت الأفاعيل في غزة، فهدمت البيوت على سكانها، وقتلت الأطفال والشيوخ والنساء بلا رحمة ولا هوادة، وحاولت تهجير أهل الشمال إلى الجنوب، وقصفت المستشفيات والمخابز ، ومنعت الطعام والشراب والوقود والكهرباء حتى تفقد المقاومة حاضنتها الشعبية، ومع ذلك لم تستطع أن تحقق شيئا من هدفيها الرئيسيين، فلا تزال المقاومة قوية شديدة المراس، يقاتل أبطالها بشجاعة وإقدام لا يهابون الموت في مواجهة عدو خائر ، مهزوم نفسيا رغم تسليحه بأحدث أسلحة العالم، وفي كل مواجهة مباشرة معه تخرج المقاومة منتصرة بعدما أن تقتل جنوده وتحرق دباباته ومدرعاته، التي يحاول أن يخفيها عن وسائل الإعلام لكن المقاومة تسجل بالصوت والصورة هزائمه وذله وإنكساره، وأمام هذه الهزائم المتوالية يريد أن يقدم لجبهته الداخلية - التي تطارد حكومته ليل نهار وتتهمها بالفشل الذريع في تلك الحرب - نصرا ديكوريا مزيفا، فقلص أهدافه التي أعلن عنها في مهاجمة المؤسسات المدنية، فدخل مبنى المجلس التشريعي وصور جنوده بداخله ورفع علمه ونسي - في ظل ارتباكه- أن ينزع العلم الفلسطيني، ثم جعل من دخول مستشفى مجمع الشفاء وتفتيشه بدعوى وجود مقاومين فلسطينيين يريد القضاء عليهم، أو أن به فتحات أنفاق، وسوَّق هذه الفكرة لشعبه ليمتص غضبته على فشله، وهيج الرأي العام الدولي للتعاطف معه فيما هو مقدم عليه، وظن أنه بهذا سيحقق نصرا يتلهف عليه حتى يكون له مبرر أمام شعبه عندما يُفرض عليه وقف إطلاق النار، وحتى في هذه اللقطة الإعلامية التي أرادها فشل فشلا ذريعا فلم يجد في مستشفى الشفاء بعد أن اقتحمها إلا رائحة الموت المتمثلة في جثث الشهداء، التي لم يسمح بدفنها، والجرحى من جراء همجيته، ولم يعثر على مقاوم واحد، ولا فتحة لنفق واحد يستطيع من خلاله أن يبرر إجرامه للعالم الذي يسانده ويدعمه.
وبهذا فإن الكيان لم يفلح في تحقيق هدفه الأول من القضاء على المقاومة، حيث لم يتمكن علوجه من الوصول إلى نفق واحد من الأنفاق، والنفق الذي ظنوا أنهم اهتدوا إليه كان نفقا وهميا فخخته المقاومة لينفجر في جنوده ويقتل ويصيب ما يزيد عن ستة من علوجه.
كما لم يقدم لنا هذا العدو صورة واحدة حقيقية بقتله أو أسره لعدد كبير من المقاومين، فضلا عن أن يكون قد قتل أو أسر قائدا من قادة المقاومة من المستوى الأول أو الثاني، أما يحي السنوار القائد الأعلى للمقاومة الإسلامية والذي جعل منه الكيان واحدا من أهدافه فلا يزال يقود المعركة عن جدارة واستحقاق ويذيق علوج العدو عذابات القتل والأسر، حتى أن هؤلاء العلوج يصرخون لأسرهم لينقذوهم من أبطال المقاومة الذين تحولوا في نظرهم إلى أشباح تقتلهم ثم تختفي إلى حيث تعرف أماكنها في أنفاسها.
أما هدفهم الثاني المتمثل في تحرير الأسرى، فلم يتمكنوا من الوصول إلى أسير، والأسير الوحيد الذي وصلوا إليه كانت تلك المجندة التي قتلوها بأيديهم، واضطر الكيان صاغرا ذليلا حقيرا إلى التفاوض على أسراه من خلال عملية تبادل مع الأسرى الفلسطينيين في سجونه.
وهذا اليوم تحديدا سيكون فارقا ليس في أمر هذه المعركة التي فرضت فيها المقاومة قرارها وحققت نصرها، بل في تاريخ المنطقة بالكامل حيث انكسرت هيبة هذا الكيان الذي ظل يدعي بأنه يملك أقوى جيش في المنطقة، وأنه مسلح بأحدث الأسلحة فإذا به ينهار وينكسر على يد عدد محدود من المقاتلين الأبطال الشجعان الذين جعلوا من عقيدتهم الدينية الراسخة سلاحهم الذي يقاتلون به عدوهم.
ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز .