من أشهر ما قال رئيس وزراء بريطانيا المخضرم ونستون تشرشل الذي قاد دول الحلفاء في الإنتصار علي هتلر " في عرف السياسة لا عداء دائم ولا صداقة دائمة ولكن مصالح دائمة" ولعل الولايات المتحدة الأمريكية كانت أكثر الدول استقطاباً لحلافائها في منطقة الشرق الأوسط والخليج إنطلاقاً من إيمانها بهذه العقيدة، فطبقت هذه الإستراتيجية مع رؤوس الأنظمة المتعاونة معها بحذافيرها وعن ظهر قلب ، وعلي الجانب الأخر لأنها دولة مؤسسات تمسك مخابراتها بطرف شعرة معاوية مع القوي المناوئة الرابضة في خنادق المعارضة للاستعانة بها وقت إنتهاء مهمة هذه الأنظمة المخدوعة، أو كما هي خدعت نفسها بعد أن أسكرتها نشوة السلطة ، ولازالت ماضية قدماً فيتبني هذه السياسة وضحاياها لا تتعظ، وأبرز هذه النماذج شاة إيران محمد رضا بهلوي ، الملقب بشرطي الخليج ورجل امريكا الأول ، الذي تربع علي عرش طهران منذ عام ١٩٤١.
حتي عام١٩٧٩,أول من إعترف بالكيان الصهيوني في مارس ١٩٥٠, وسمح للأمريكان بإقامة قواعدها بشمال إيران علي الحدود الروسية للتجسس علي السوفيت ، ومنح الحق للمستشارين الأمريكان بالتدخل في تعيين النواب ، وفرضوا عليه قانون الحصانة القضائية للأجانب "كابيتولا سيون" الذي يعفي الأجنبي من المسؤولية عن أية جرائم إرتكبها علي أرض إيران ، كل هذا الخنوع وهذه الإمتيازات لم تشفع للشاة من التضحية به والتخلي عنه ، بعد أن شارفت شراع مركبه السياسي علي السقوط حتي سقط ، يقول الشاة للسادات بعد أن استقر به المقام في مصر منفاه الأخير " لا تثق بالأمريكان، ففي الوقت الذي كان كارتر يرقص مع الإمبراطورة فرح ديبا بقصرنا في طهران، قال لها إن إيران هي جزيرة الأمان في الشرق الأوسط، كانت المخابرات الأمريكية في ذات الوقت تشترك في مؤامرة الإطاحة بي، حتي أن الإدارة الأمريكية لم يمنعها الخجل وأرسلت لي موفد يطالبني بالتخلي عن العرش ومغادرة طهران، وهذا برويز مشرف الذي قدم لأمريكا صكاً علي بياض استباحت بمقتضاه الأراضي الباكستانية كأرض خلاء وحديقة خلفية لتنفيذ هجماتها علي جارتها أفغانستان بدعوي محاربة الإرهاب ، وتبنت سياسة بوش في كراهيته للعرب والمسلمين ، ثم سرعان ما لبثت أن تركته نهماً سائغاً عند أول انتفاضة غاضبة للشارع الباكستاني وأدارت له ظهرها ، ولم تكن بنظير بوتو أكثر منه حظا وميراثا في هذا النصيب من التخاذل ، وقائمة الحلفاء المغدور بهم اكبر من أن تحصي ، فهذه هي الولايات المتحدة الأمريكية التي طالما تستعلي بنفوذها وتعتبر أنها مدينة فوق تل، وفي سبيل مصلحتها لا تتورع أن تمشي علي رؤوس الجثث المكدسة و معاطف القتلى من رعايا حلفاءها ، لتعبر من فوقها حتي تصل إلي غايتها ، .وهذا هو وجهها الحقيقي القبيح بلا رتوش أو مساحيق ، وهذه سيرتها في حلفائها ، تري من يفيق الحلفاء من سكرتهم قبل فوات الاوان؟! وتؤمن أفئدتهم بأن من يبتغي العزة في غير الله فقد ذل وأنه لا اعتصام إلا بحبله المتين ، والملتحف بأمريكا عريان ، عذراً ايها القارئ بوسعك أن تقرأ الحلفاء بالعملاء ففي قناعتي أنهما وجهان لعملة واحدة.