وزير المالية: نستهدف سياسات مالية متوازنة لتحقيق الانضباط المالي ودفع النشاط الاقتصادي
أكد أحمد كجوك، وزير المالية، أن الحزمة الأولى من التسهيلات الضريبية التي أعلنتها الحكومة تمثل خطوة استراتيجية هامة نحو تعزيز بيئة الاستثمار في مصر، وتعتبر بداية قوية لمسار التعاون والشراكة بين الحكومة ومجتمع الأعمال.
وأضاف أن هذه التسهيلات تهدف إلى تخفيف الأعباء على المجتمع الضريبي، وجذب ممولين جدد، وتحفيز الشركات على زيادة استثماراتها، بالإضافة إلى دعم السيولة المالية للمشروعات في مختلف القطاعات الاقتصادية مشيرًا إلى أهمية توحيد وتحسين الخدمات الضريبية المقدمة للمواطنين والشركات، وكذلك العمل على تسوية النزاعات الضريبية القديمة، وهو ما يساهم في خلق مناخ استثماري أكثر استقرارًا وشفافية.
وتناول الوزير في حديثه أن الحزمة الضريبية الجديدة تتضمن لأول مرة تطبيق نظام مبسط وموحد خاص بالشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، والذي سيشمل حوافز ضريبية وإعفاءات مهمة في عدة مجالات، بما في ذلك ضريبة الدخل، وضريبة القيمة المضافة، والدمغة موضحًا أن الشركات التي تنضم إلى هذا النظام سيتم إعفاؤها من بعض الضرائب مثل ضرائب الأرباح الرأسمالية وتوزيعات الأرباح، كما سيتم إعفاؤها من رسوم الدمغة ورسوم الشهر والتوثيق، مع تبسيط الإجراءات الضريبية بشكل عام. من ضمن التسهيلات الأخرى، سيتم السماح بتقديم أربعة إقرارات ضريبة للقيمة المضافة سنويًا، ولن يتم إجراء الفحص الضريبي لأول مرة إلا بعد مرور خمس سنوات من انضمام الشركات إلى النظام.
وفيما يتعلق بعملية تسوية النزاعات الضريبية، أكد الوزير أن الحكومة بصدد تبسيط آليات تسوية هذه النزاعات من خلال قانون خاص، يسمح للممولين بتوفيق أوضاعهم المالية دون تحميلهم بعقوبات على الفترات الضريبية السابقة. كما أشار إلى أن مصلحة الضرائب لن تطالب الشركات التي تبادر بالتسجيل الضريبي بأية مستحقات ضريبية عن الفترات السابقة، وهو ما يعكس حرص الحكومة على تشجيع الامتثال الطوعي للقوانين الضريبية. وأوضح أيضًا أنه سيتم السماح للممولين بتقديم أو تعديل الإقرارات الضريبية عن السنوات من 2020 إلى 2023 دون التعرض لأي عقوبات.
وأضاف الوزير أن الحكومة تستهدف تسريع رد ضريبة القيمة المضافة من خلال مضاعفة عدد المستفيدين من هذا الإجراء، مع إلغاء الإقرارات غير المدعمة بالمستندات للأشخاص الاعتبارية (الشركات) في عام 2025، وللأفراد في عام 2026 مشيرًا إلى أن الوزارة ستتوسع في تطبيق نظام الفحص بالعينة على كافة المراكز والمأموريات الضريبية في مختلف أنحاء الجمهورية، وذلك بهدف تخفيف الأعباء عن الممولين، وتعزيز الثقة في النظام الضريبي.
وأوضح الوزير أن الحكومة تسعى أيضًا إلى تنفيذ خطة استراتيجية لخفض قيمة ونسبة الدين العام في المدى المتوسط، حيث نجحت في خفض الدين العام إلى 89.6% من الناتج المحلي في يونيو 2024، مقارنة بـ 96% في يونيو 2023، مع استهداف الوصول إلى 85% بنهاية العام المالي الحالي مؤكدًا أن هذا التخفيض يعكس جهود الحكومة في ضبط الإنفاق العام وتقليل أعباء الدين الخارجي، الذي انخفض بأكثر من 3 مليارات دولار في العام المالي الماضي، ويستهدف خفضه بنحو 2 مليار دولار بنهاية هذا العام.
وفيما يتعلق بالأداء المالي، أشار الوزير إلى أن الحكومة تمكنت من تسجيل أعلى فائض أولي خلال الربع الأول من العام المالي الحالي بقيمة 90 مليار جنيه، وهو ما يفوق أربع مرات الفائض الذي تم تحقيقه في نفس الفترة من العام الماضي، بالرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد مثل تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60%، كما أشار إلى أن الإيرادات العامة شهدت نموًا سنويًا بلغ حوالي 40% من يوليو إلى سبتمبر 2024، مع تحقيق أعلى معدل نمو للإيرادات الضريبية في أكثر من 20 عامًا، بنسبة 45%، مما يعكس قدرة الحكومة على زيادة الإيرادات دون تحميل المواطنين والشركات أعباء ضريبية إضافية.
دعم القطاعات الاقتصادية الحيوية
وأوضح الوزير أن الحكومة تواصل التركيز على دعم القطاعات الاقتصادية الحيوية، حيث تم تخصيص 23 مليار جنيه في الموازنة لدعم الصادرات، بهدف توفير السيولة المالية اللازمة للمصدرين وتحفيز نمو التجارة الخارجية، كما تم تخصيص 1.5 مليار جنيه كحوافز للشركات المنضمة للبرنامج الوطني لصناعة السيارات، و50 مليار جنيه لدعم قطاع السياحة وزيادة الطاقة الفندقية، مما يعزز فرص العمل في القطاع. إضافة إلى ذلك، تعمل الحكومة على وضع مبادرات جديدة لتحفيز صناعة السيارات الكهربائية وتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي.
كما أشار الوزير إلى أن استثمارات عقود المشاركة مع القطاع الخاص في العام المالي الماضي بلغت نحو 19.8 مليار جنيه، ومن المتوقع أن تتجاوز الاستثمارات في العام المالي الحالي 27 مليار جنيه، في إطار حرص الدولة على تعزيز دور القطاع الخاص في دفع النشاط الاقتصادي.
الحكومة تولي اهتمامًا بالغًا برفع مستوى معيشة المواطنين
على صعيد الحماية الاجتماعية والتنمية البشرية، أكد الوزير أن الحكومة تولي اهتمامًا بالغًا برفع مستوى معيشة المواطنين، حيث شهد الربع الأول من العام المالي الحالي زيادة كبيرة في الإنفاق على الدعم الاجتماعي، حيث ارتفع دعم السلع التموينية إلى 26.1 مليار جنيه، بنسبة نمو سنوي 42.9% كما زاد الإنفاق على قطاع الصحة بنسبة 33% ليصل إلى 46.5 مليار جنيه، وعلى قطاع التعليم بنسبة 28.4% ليصل إلى 77.5 مليار جنيه. وأشار إلى أنه تم دعم 330 ألف وحدة سكنية في إطار مشروعات الإسكان الاجتماعي، بالإضافة إلى دعم توصيل الغاز الطبيعي لنحو 1.2 مليون وحدة سكنية.
ختامًا، أكد الوزير أن الحكومة مستمرة في تنفيذ سياسات مالية متوازنة تهدف إلى تحقيق الانضباط المالي وتعزيز النشاط الاقتصادي، مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية والإنسانية، بما يسهم في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة للمواطنين.