ads
الأربعاء 13 نوفمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

  أَعلمُ أنها أمنية بعيدة المنال !.
والذي نفسي بيده إننا لمؤاخذون بكل شيء، ولمحاسبون علي كل شيء حتي الفتيل والنقير والقطمير .
قبل أن تسَطَّرَ كلمة واحدة وتكتبها  حاسب نفسك واسألها وقل لها : بأي نية أكتبها؟! ،ولماذا أكتبها؟!،  نعم لو أدركت خطورة الكلمة وأنها إما لك وإما عليك عند من لا يغفل ولا ينام - سبحانه وتعالى - لفكرت ألف مرة قبل أن تكتبها ، وقلت:لا للشائعات ولا للكذب ولا للبهتان ولا للغيبة.... ولا لكل شيء يبغضه الله، " وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا".
فلا شك أن للكلمة أثرا بالغا في بناء الأمة وتشكيل وجدانها سواء أكانت تلك الكلمة لفظا مسموعا يقوله أستاذ في محاضرة أو معلم في فصل أو واعظ في مسجد أو كنيسة أو إعلامي من خلال وسيلته المقروءة أو المسموعة أو ممثل علي خشبة المسرح أو عبر مشهد في فيلم أو مسلسل أو تمثيلية أو  كانت كلمة صامتة عبرت عنها صورة مصور أو تمثال نحات .
كل أولئك وغيرهم لهم دور كبير في بناء الأمة ونهضتها وتكوين وجدانها وتشكيل ضميرها .
ومن ثم كان للكلمة خطرها في الإسلام وأهميتها في الضمير الإنساني الحي ؛ إذ ميز الله تعالى الإنسان بنعمة النطق ومنحه ملكة البيان قال تعالي : 
"الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ "
فبالكلمة يتواصل  مع غيره، ويُعبِّر عما في داخله، وبالكلمة تتحقق كافة تعاملات البشر؛ لذلك كانت للكلمة أهمية وخطر في حياة كل شخص، " وأكبر الأدلة على خطورة الكلمة أن الإنسان يدخلُ الإسلامَ بكلمة، ويخرج منه بكلمة، ويبني بيتًا وأسرة بكلمة، ويهدم بناءً ويُفرِّق جَمعَ أسرة بكلمة، ويدخل الجنة بكلمة، ويسقط في النار بكلمة.
قال الله تعالى في كتابه العزيز: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [سورة ق: ١٨]. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ" [حديث حسن صحيح رواهُ مالك والترمذي].
وفي حديث معاذ مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول :  كنتُ معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في سفَرٍ ، فأصبَحتُ يومًا قريبًا منهُ ونحنُ نَسيرُ ، فقلتُ : يا رسولَ اللَّهِ أخبرني بعمَلٍ يُدخِلُني الجنَّةَ ويباعِدُني من النَّارِ ، قالَ : لقد سألتَني عَن عظيمٍ ، وإنَّهُ ليسيرٌ على من يسَّرَهُ اللَّهُ علَيهِ ، تعبدُ اللَّهَ ولا تشرِكْ بِهِ شيئًا ، وتُقيمُ الصَّلاةَ ، وتُؤتي الزَّكاةَ ، وتصومُ رمضانَ ، وتحجُّ البيتَ ، ..................  ثمَّ قالَ : ألا أخبرُكَ بملاكِ ذلِكَ كلِّهِ ؟ قُلتُ : بلَى يا رسولَ اللَّهِ ، قال : فأخذَ بلِسانِهِ قالَ : كُفَّ عليكَ هذا ، فقُلتُ : يا نبيَّ اللَّهِ ، وإنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فقالَ : ثَكِلَتكَ أمُّكَ يا معاذُ ، وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وجوهِهِم أو على مَناخرِهِم إلَّا حَصائدُ ألسنتِهِم".
وانطلاقا من هذا أقول : إذا كان للكلمة تلك المكانة وهذا القدر من الأهمية فلتكن في بناء الإنسان بناء سليما وفي بناء وطن له ،  فيه مقومات حضارية وأسباب نهضة حقيقية، وليؤد كل واحد من أولئك الذين يملكون الكلمة المسموعة والمؤثرة فليؤد دوره نحو الإنسان والوطن وليتق الله ربه وليعلم أنه لا محالة موقوف للحساب وأن التاريخ سيسجل له أو عليه.
اسأل الله تعالي أن يهدينا سبل الرشاد ، وأن يرزقنا الصواب في القول والعمل.

تم نسخ الرابط