ads
الأحد 22 ديسمبر 2024
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

نشر مصطلح "العدالة المناخية" مؤخراً، خصوصاً بمناسبة مؤتمر المناخ وما شهده العالم من محادثات أضافت لمسيرة الحلول المقترحة لمشكلات المناخ وعلى رأسها التغييرات المناخية. جاءت الحكومات والجهات المعنية إلى مدينة شرم الشيخ، خلال مؤتمر المناخ في نوفمبر ٢٠٢٢، لبحث سبل التعاون المشترك في ملف المناخ العالمي، وكذلك إيجاد وخلق التصرف الدولي المطلوب من أجل تحمل نتائج وخسائر التغيرات المناخية التي تصيب العالم بوجه عام أو دولاً بعينها على وجه الخصوص.  وفي هذا السياق سمعنا كثيراً عن مصطلح العدالة المناخية، ونود في هذا المقال إلقاء الضوء على مفهوم هذا المصطلح وما يربط العدالة بالمناخ.

لهذا المصطلح أسس تاريخية ودولية، نذكر أهمها سريعاً، ففي عام ٢٠٠٠، أثناء فترة توقيع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، وقعت أول قمة للعدالة المناخية في لاهاي. سعت تلك القمة إلى «التأكيد على أن التغير المناخي مسألة حقوق» وإلى «بناء تحالفات عابرة للدول والحدود» ضد التغير المناخي في سبيل النمو المستدام.ولاحقًا، بين شهري أغسطس وسبتمبر عام ٢٠٠٢، التقت مجموعات البيئة الدولية في جوهانسبرجلحضور قمة الأرض. خلال تلك القمة، والتي عُرفت أيضاً باسم Rio+10، حيث عُقدت بعد عشرات سنوات من قمة الأرض لعام ١٩٩٢ (دُعيت بقمة ريو)، تبنت الجماعات الحاضرة ما عُرف بمبادئ بالي للعدالة المناخية. و في مؤتمر بالي عام ٢٠٠٧، تأسس تحالف دولي باسم العدالة المناخية.

وأخذ المصطلح الشكل القانوني نوعاً ما حين ارتبطت العدالة المناخية كونها ضمن سلسلة حقوق الانسان التي يجب على المجتمع الدولي كفالتها لكافة الأشخاص. فمثلاً، في شهر ديسمبر عام ٢٠١٨، وقّع ٢٩٢ ألف فرد و٣٦٦ منظمة على «المطالب الشعبية للعدالة المناخية»، ودعوا مندوبي الحكومة في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي عام ٢٠١٨ إلى الانصياع للمطالب الست المتعلقة بالعدالة المناخية.

في عام ٢٠١٧، أحصى تقرير من طرف برنامج الأمم المتحدة للبيئة ٨٩٤ دعوى قضائية في جميع أنحاء العالم.

 

"العدالة المناخية" 

 مصطلح يُستخدم للتعبير عن مسألة الاحتباس الحراري في إطار القضايا والمشاكل السياسية والأخلاقية، وذلك بدلًا من اعتباره قضية بيئية أو فيزيائية بحتة في الطبيعة. ويعني تحديداً، ربط تأثيرات الاحتباس الحراري مع مبادئ العدالة، وذلك من أجل تحقيق العدالة البيئية والعدالة الاجتماعية، خصوصاً وأن هناك أشخاصاً سيعانون بشدة من عواقب التغيرات المناخية، رغم أنهم قد يكونون هم أقل الأشخاص اهتماماً أو احتكاكاً بقضية التغيرات المناخية والاحتباس الحراري. ومن ذلك، يجب من ناحية،تحديد القضايا والمشكلات الناجمة عن التغيرات المناخية بوجه عام أو الاحتباس الحراري مثل المساواة وحقوق الإنسان والحقوق الجماعية والمسؤوليات التاريخية، ومن ناحية أخرى، محاولة تحقيق العدالة المناخية المطلوبة. الأمر الذي يكفل لكافة الأشخاص التعامل الأمثل وبالشكل المرضي الذي يحقق العدالة المناخية المطلوبة بعيداً عن تأثر الطبقات الأكثر احتياجاً، والأقل احتكاكاً بهذه القضايا ،المشكلات التي قد تكون ملموسة بطبيعة الحال في حياتهم اليومية.

وأخيراً وليس آخراً،،،، ترتبط العدالة المناخية بشكل كبير بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية والصحية المُختلفة، ويكون لها الآثار المختلفة على كافة المستويات خصوصاً في المجتمعات التي تشهد بوضوح أزمة المناخ. وتهدف العدالة المناخية بالأخير أن تؤكد على أنّ هذه الأزمة المناخية، والمشكلات المناخية المتعددة يجب ألا تؤثر على الجميع، وإن أثرت فيجب أن يكون ذلك بالتساوي، أو وفقاً ومفاهيم العدالة المعروفة. 

لأن واقع الأمر، يوضح لنا أن المجتمعات الضعيفة، المُهمشة والأقل مسؤولية هي التي تدفع الثمن الأكبر عن الانبعاثات لأزمة تغير المناخ. الأمر الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى تفاقم وتعميق أوجه عدم المساواة، الأمر الذي يدفع دول العالم جميعاً إلى الحديث على "العدالة المناخية" وكيفية تطبيقها

تم نسخ الرابط