ads
الأربعاء 15 يناير 2025
-
رئيس التحرير
محمد الطوخي

الله تعالى قال في مُحكم كتابه:" إنا أنزلناه قرآنًا عربيُا لعلكم تعقلون"، كما قال سيدنا عمر بن الخطاب "تعلموا العربية فأنها من دينكم ، تفقهوا في العربية فأنها تزيد في العقل وتثبت المروءة"؛ !فما يميز دولة عن آخرى اللغة والعادات والتقاليد والزي الحضاري، وإذا تأملنا في مجتمعنا نجد أننا نتحدث بلغات آخرى غير العربية وأيضًا عاداتنا وتقاليدنا ليست مصرية حتى الزي أصبح غربي!فيعتبر بمثابة مسخ لهوية ! فالأختراق اللغوي أشبه بالمؤَمرات ، فالمؤَمرات لم تُفلح إلا بمساعدة الخونة من الداخل، كذلك الأختراق نحن من ساعدنا على ذلك، فإذا ألقينا نظرة على الواقع نجد أن اللغة الأنجليزية والفرنسية هي التي تسود العالم والأصح الأنجليزية! فإضعاف اللغة العربية يتبعه إضعاف للسيادة الوطنية، لأن الوطن وقتها يكون تابعًا لثقافة دولة آخرى وليست ثقافته الأصلية التي تُعبر عن قيم وخصائص المجتمع، فتعريف الهوية الوطنية في كل أمّة هي الخصائص والسمات التي تتميز بها، وتترجم روح الانتماء لدى أبنائها، ولها أهميتها في رفع شأن الأمم وتقدمها وازدهارها، وبدونها تفقد الأمم كل معاني وجودها واستقرارها.

فمن يبحث يجد أن اللغة العربية هي أقدم اللغات التي ما زالت تتمتع بخصائصها، وسميت أم اللغات نظراً لتمام القاموس العربي وكمال الصرف والنحو ، فقيل عن اللغة أنها قيمة جوهرية كبرى في حياة كل أمة فهي الأداة التي تحمل الأفكار، وتنقل المفاهيم فتقيم روابط الاتصال بين أبناء الأمة الواحدة ، وبها يتم التقارب والتشابه والانسجام بينهم، يقول الألماني فريتاغ : " اللغة العربية أغنى لغات العالم ، ويقول الراهب الفرنسي غريغوار : " إن مبدأ المساواة الذي أقرته الثورة يقضي بفتح أبواب التوظف أمام جميع المواطنين، ولكن تسليم زمام الإدارة إلى أشخاص لا يحسنون اللغة القومية يؤدي إلى محاذير كبيرة، وأما ترك هؤلاء خارج ميادين الحكم والإدارة فيخالف مبدأ المساواة، فيترتب على الثورة أن تعالج هذه المشكلة معالجة جدية؛ وذلك بمحاربة اللهجات المحلية، ونشر اللغة الفرنسية الفصيحة بين جميع المواطنين "!وهذا للأسف ما يحدث اليوم!، ويقول الإنجليزي ( ويلكوكس ) : " إن العامل الأكبر في فقد قوة الاختراع لدى المصريين هو استخدامهم اللغة العربية الفصحى في القراءة والكتابة ".والبعض يتباهى بعدم استطاعته التحدث بالعربية واجادته لغات آخرى أجنبية!.

والمحزن انه  في الوقت الذي يهمل فيه البعض اللغة العربية ويركز على باقي اللغات في الوقت الذي أدرك الغرب أهمية اللغة العربية! لذلك فلأول مرة في التاريخ اللغة العربية رسميًا في فرنسا! واعلنت فرنسا منذ عام 2017 بتمكين آلاف التلاميذ الفرنسيين من اختيار اللغة العربية كلغة أجنبية بعدما قررت وزارة التربية والتعليم إدراج اللغة العربية في المناهج التعليمية ، وليست فقط فرنسا فقد بدأت كلًا من تركيا وكوريا والصين وعددًا لا بأس به من العالم تُدرس اللغة العربية كلغة ثانية في مدارسها فنحن بإيدينا نعمل على محو هويتنا! كما من يراجع الوثائق التي بدأت بها عملية الاحتلال البريطاني لمصر يكتشف أن أول أعمال الاحتلال هو وضع الخطة لتحطيم اللغة، يبدو ذلك واضحاً في تقرير لورد دوفرين عام 1882 حين قال :" إن أمل التقدم ضعيف  في مصر" ما دامت العامة تتعلم اللغة العربية الفصيحة .

كما كان التعليم في البلاد العربية المحتلة كما قرأت في عدة أبحاث يتم كله باللغات الأجنبية ( الإنجليزية في مصر والسودان والعراق ) والفرنسية في (سوريا وتونس والجزائر والمغرب)، فالهدف تقديم اللغات الأجنبية على اللغة العربية ، وقد تصدى سعد زغلول عندما تولى وزارة المعارف في مصر لذلك وحافظ على الهوية الوطنية بحفاظه على اللغة العربية، فعندما كان التعليم في المراحل الأولى باللغة الإنجليزية ؛ وكان كتاب الحساب المقرر على الصف الابتدائي تأليف (( مستر تويدي )) وكذلك سائر العلوم، فألغى سعد هذا كله، وأمر أن تُدرس المقررات كلها باللغة العربية، وأن توضع مؤلفات جديدة باللغة القومية، مما دفع أحد المفكرين المصريين إلى القول : " إن سعداً أحسنَ إلى جيلنا كله بجعلنا عرباً"؟! فكم أتمنى الحفاظ على الهوية الوطنية من خلال الحفاظ على لغتنا العربية وأن نزرع في أطفالنا ذلك بالتباهي بأنفسهم وهم يتحدثون اللغة العربية وليس التباهي عند اجادتهم لغات آخرى غير العربية.

تم نسخ الرابط