يُعد هذا الكتاب موسوعة علمية جليلة القدر عظيمة النفع فيما يتعلق بحقوق النبي صلى الله عليه وسلم وما يجب له من التوقير والإجلال والإكرام، وبيان الحقوق الواجبة على الأمة تجاه نبيها.
ذكر المؤلف –رحمه الله- في المقدمة سبب تأليفه للكتاب فقال: " فإنك كررت على السؤال في مجموع يتضمن التعريف بقدر المصطفى عليه الصلاة والسلام، وما يجب له من توقير وإكرام، وما حكم من لم يوف واجب عظيم ذلك القدر، أو قصر في حق منصبه الجليل قلامة ظفر، وأن أجمع لك ما لأسلافنا وأئمتنا في ذلك من مقال، وأبينه بتنزيل صور وأمثال، فاعلم أكرمك الله أنك حملتني من ذلك أمراً إمراً، وأرهقتني فيما ندبتنى إليه عسراً، وأرقيتني بما كلفتني مرتقي صعباً، ملأ قلبي رعباً، فإن الكلام في ذلك يستدعى تقدير أصول، وتحرير فصول، والكشف عن غوامض ودقائق، من علم الحقائق، مما يجب للنبي ويضاف إليه، أو يمتنع أو يجوز عليه، ومعرفة النبي والرسول والرسالة والنبوة، والمحبة والخلة وخصائص هذه الدرجة العلية، وههنا مهامه فيح تحار فيها القطا، وتقصر بها الخطا، ومجاهل تضل فيها الأحلام إن لم تهتد بعلم علم ونظر سديد، ومداحض تزل بها الأقدام إن لم تعتمد على توفيق من الله وتأييد، لكنى لما رجوته لي ولك في هذا السؤال والجواب، من نوال وثواب، بتعريف قدره الجسيم، وخلقه العظيم، وبيان خصائصه التي لم تجتمع قبل في مخلوق، وما يدان الله تعالى به من حقه الذي هو أرفع الحقوق.
وحصر المؤلف الكلام فيه في أربعة أقسام:
القسم الأول: في تعظيم العلي الأعلى، لقدر هذا النبي قولاً وفعلاً، وتوجه الكلام فيه في أربعة أبواب: الباب الأول: في ثنائه تعالى عليه وإظهاره عظيم قدره لديه، وفيه عشرة فصول، والباب الثاني: في تكميله تعالى له المحاسن خلقا وخلقا وقرانه جميع الفضائل الدينية والدنيوية فيه نسقاً، وفيه سبعة وعشرين فصلاً، والباب الثالث: فيما ورد من صحيح الأخبار ومشهورها بعظيم قدره عند ربه ومنزلته وما خصه الله به في الدارين من كرامته ، وفيه اثنا عشر فصلاً، والباب الرابع: فيما أظهره الله تعالى على يديه من الآيات والمعجزات وشرفه به من الخصائص والكرامات، وفيه ثلاثون فصلاً.
القسم الثاني: فيما يجب على الأنام من حقوقه عليه الصلاة والسلام، ويترتب القول فيه في أربعة أبواب: الباب الأول: في فرض الإيمان به ووجوب طاعته وإتباع سنته، وفيه خمسة فصول، والباب الثاني: في لزوم محبته ومناصحته، وفيه ستة فصول، والباب الثالث: في تعظيم أمره ولزوم توقيره وبره، وفيه سبعة فصول، والباب الرابع: في حكم الصلاة عليه والتسليم وفرض ذلك وفضيلته، وفيه عشرة فصول.
القسم الثالث: فيما يستحيل في حقه صلى الله عليه وسلم وما يجوز عليه وما يمتنع ويصح من الأمور البشرية أن يضاف إليه، وهذا القسم هو سر الكتاب، ولباب ثمرة هذه الأبواب، وما قبله له كالقواعد والتمهيدات، والدلائل على ما نورده فيه من النكت البينات، وهو الحاكم على ما بعده، والمنجز من غرض هذا التأليف وعده، وعند التقصي لموعدته، والتفصي عن عهدته، يشرق صدر العدو اللعين، ويشرق قلب المؤمن باليقين، وتملأ أنواره جوانح صدره، ويقدر العاقل النبي حق قدره، ويتحرر الكلام فيه في بابين:الباب الأول: فيما يختص بالأمور الدينية ويتشبث به القول في العصمة وفيه ستة عشر فصلاً، والباب الثاني: في أحواله الدنيوية وما يجوز طروه عليه من الأعراض البشرية، وفيه تسعة فصول.
القسم الرابع: في تصرف وجوه الأحكام على من تنقصه أو سبه صلى الله عليه وسلم، وينقسم الكلام فيه في بابين: الباب الأول: في بيان ما هو في حقه سب ونقص من تعريض أو نص وفيه عشرة فصول، والباب الثاني: في حكم شانئه ومؤذيه ومنتقصه وعقوبته وذكر استتابته والصلاة عليه ووراثته، وفيه عشرة فصول، وختمه المؤلف بباب ثالث جعله تكملة لهذه المسألة ووصلة للبابين اللذين قبله في حكم من سب الله تعالى ورسله وملائكته وكتبه وآل النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه، واختصر الكلام فيه في خمسة فصول.
فما أحوج الأمة اليوم لقراءة هذا الكتاب، والتعرف على ما يجب عليها تجاه نبيها صلى الله عليه وسلم من طاعته فيما أمر، والانتهاء عن ما نهى عنه وزجر، وألا يُعبد الله إلا بما أمر، وتوقيره وإجلاله وإكرامه، ومحبته أصحابه رضي الله عنهم وآل بيته الكرام، والحذر من سبهم والتعرض لهم بسوء، وغير ذلك من الحقوق والآداب التي ذكرها المؤلف –رحمه الله- في هذه الموسوعة القيمة.