"أم هاشم" و"هناء" و"الشرقاوي".. مزارعون بدرجة خبراء.. و"تيراميد" استراتيجية لتوفير الطاقة النظيفة
التفكير خارج الصندوق والابتكار هذا ما نحتاجه حاليا لمواجهة العديد من المشكلات البيئية التي نتعرض لها، خاصة ما يتعلق بالترابط بين الأمن المائي والغذائي والطاقة الذي إذا تحقق سنضمن استدامة توفير الغذاء والمياه والطاقة للأجيال المقبلة، ولكن لتحقيق هذه المعادلة الصعبة يتطلب الأمر عددا من الإجراءات: منها الاعتماد على تقنيات الري الحديثة، وإدارة مياه الأمطار، والحلول المبتكرة لمواجهة تحديات ندرة المياه، مثل تحلية المياه، بالإضافة إلى محور الابتكار في الإنتاج الزراعي، من خلال تطوير المحاصيل المقاومة للجفاف، وتحسين أساليب الزراعة في ظل تغير المناخ، والزراعة المائية وبدون تربة كأحد الحلول المستدامة لزيادة الإنتاجية، واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاج الزراعي.
ولأن الأفكار المبدعة والجيدة تولد من رحم المعاناة شاهدنا في الفترة الأخيرة العديد من المبادرات والمشروعات التي نفذتها العديد من الجهات وحققت مردودا في المنطقة العربية، فإدارة المياه بحكمة وكفاءة تعتبر أساساً لتحقيق الأمن الغذائي، كما أن توفير الطاقة النظيفة والمستدامة يعتمد بشكل أساسي على تقنيات حديثة تساعد في ترشيد استهلاك الموارد، وتدعم الإنتاج الغذائي، والتعامل مع هذه التحديات بمنهجية تكاملية، يعتبر ضرورة لضمان استقرار وأمان الأجيال المقبلة.
وفي التقرير التالي ترصد وكالة أنباء الشرق الأوسط أهم هذه المشروعات والمبادرات وقصص النجاح التي كانت بطلتها قوة وعزيمة العديد من النساء والرجال ومنظمات المجتمع المدني بدعم من عدد من الجهات والشركاء.
قصص نجاح سطرها المزارعون
هناء طه، مزارعة قمح من بني سويف، تؤكد زيادة إنتاجيتها من 14 إلى 22 أردبًا للفدان بعد انضمامها إلى مشروع تعزيز الأعمال الزراعية في الريف المصري الذي تموله الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، حيث ساعدها التدريب على تطبيق الممارسات الذكية لمواجهة تغير المناخ بما في ذلك، زراعة القمح على مصاطب، بالإضافة إلى استخدام آلة بذر الحبوب والري بالتنقيط، في تقليل التكاليف ومضاعفة أرباحها.. مشيرة إلى أنها استطاعت أن تدعم أسرتها، وتبقى لديها ما يكفي من موسم الحصاد لدفع نفقات زفاف ابنتها.
وقالت هناء: كنت أعتقد أن المزارعين الرجال هم المنتجون الحقيقيون؛ لأنهم يعملون بكد في الحقول وكنساء، لم نكن نتخيل أننا نستطيع الزراعة وتحقيق نفس الإنتاجية كالمزارعين الرجال.. مضيفة أنها أصبحت منسقة إنتاج وتشارك الآن الممارسات الذكية لمواجهة تغير المناخ مع زملائها المزارعين وقد بدأت مشروعًا جانبيًا لبيع المخبوزات، وتكسب منه 3000 جنيه مصري شهريًا تساعدها في دفع تكاليف تعليم ابنها.
بدوره.. قال المزارع مصطفى الشرقاوى، من قرية بنجر السكر ببرج العرب غرب الإسكندرية، إن زراعة القمح بالسطارة توفر في التكاليف طوال مراحل الزراعة، وأولها تقليل كمية التقاوي بنسبة كبيرة، حيث يحتاج الفدان إلى تقاوي 50 كيلو جراما فقط، مما يوفر أكثر من 500 جنيه لكل فدان، بالإضافة إلى توفير كميات كبيرة من مياه الري حيث يتم الري على خطوط أومصاطب بدل من غمر الحقل بالكامل بمياه الري، حيث يحتاج الفدان إلى ساعة ونصف الساعة بدلا من ثلاثة ساعات للري، مما يوفر في كميات السولار التي تحتاجها ماكينة الري.
ويلتقط علاء حسين محمود، مزارع خبير بقرية المنشية شرق بمحافظة أسوان، أطراف الحديث قائلا: إنه التحق بمشروع الريف المصري مع بداية المشروع وكان وقتها مزارعاً عادياً يتبع طرقا تقليدية في زراعة القمح ورش المبيدات المطلوبة، إلا أن فكرة المشروع تعتمد على اتباع أحدث الطرق السليمة لزراعة القمح وتحقيق أعلى إنتاجية، لافتاً إلى أنه قبل المشروع كانت الزراعات لديه لا تنتج سوى 10 إردبات فقط للفدان الواحد وكان الإنتاج قليلا، ولكن بعدها طور من نفسه ومن طرق وأساليب الزراعة التي يستخدمها حتى وصل إلى أعلى إنتاجية تزيد على 20 إردباً للفدان الواحد الموسم الماضي، ويسعى الموسم الحالي الوصول إلى أعلى إنتاجية بتحقيق إنتاج يصل لـ 30 إردباً للفدان الواحد.
وأضاف علاء حسين، أنهم الفترة الحالية يقومون برش المبيدات المكافحة للحشرات بالطريقة التي تحسن من إنتاج المحصول وبالأسلوب الذي يكافح الآفات والحشرات الزراعية الضارة للمحصول بشكل سليم وآمن، وهو الأمر الذي أحاول إفادة باقي المزارعين في قرية المنشية شرق لتحقيق الاستفادة القصوى من هذا المشروع الذي يهدف لتعميم التجربة على الجميع وتحقيق المصلحة العامة وزيادة الخير لبلدنا الحبيبة مصر.
وأشار إلى أنه حصل على لقب مزارع خبير بعد تحسين إنتاجه وتحويله من مجرد مزارع تقليدي إلى شخص يستفيد منه باقي المزارعين في الأراضي الأخرى القريبة المجاورة له في نفس القرية والقرى الأخرى المجاورة أيضاً، موضحاً أن هذا الموسم استفاد من طريقته في الزراعة ما يصل لنحو 200 مزارع من قرية المنشية.
"أم هاشم" بطلة حقيقية للتغيير الإيجابي، مزارعة من المزارعين الخبراء التي استفادت من تدريبات ممارسات الزراعة الذكية ونقلتها للكثير من المزارعين من أبناء بلدتها"، أوضحت أنها كانت تقوم بزراعة قطعة أرض صغيرة مساحتها فدانًا وحضرت بالصدفة إحدى الندوات التثقيفية والإرشادية لصغار المزارعين التي ينظمها الريف المصري عن الزراعة على المصاطب وطرق إعداد التسميد الدودي أو "الفيرمي كومبست"، وهو سماد عضوي يتم صنعه من ديدان الأرض ومخلفات الخضروات المتحللة، ومن ثم تحويل المواد العضوية إلى سماد حيوي، بما يتماشى مع الزراعة الذكية مناخيا عن طريق الحد من المخلفات والتقليل من الأسمدة الأزوتية المستخدمة في الزراعة، وبالتالي زيادة الإنتاجية بأقل تكاليف ممكنة.
وأضافت أنها أقنعت زوجها بالدخول في تلك التجربة وبدأت بالفعل في زراعة القمح على المصاطب التي وفرت في التقاوى وأيضا في العمالة وزادت الإنتاجية من 18 إردبا إلى 30أردبا، كما استفادت من الأكياس التي تم توزيعها وهي أكياس محكمة الغلق لضمان تخزين آمن للقمح بديلا عن أساليب التخزين التقليدية التي كانت تؤدي إلى فقد كميات كبيرة من محصول القمح نتيجة لتسلل الرطوبة والسوس والحشرات للمحصول، واستفادت كذلك من التنبيهات التي كان يرسلها المشروع عن تنبؤات الطقس الأسبوعية، حيث كانت تؤدي التقلبات الجوية على مدار الوقت أن يتعرض محصول القمح كذلك المحاصيل البستانية لأضرار جسيمة وانخفاض في الإنتاجية.
من جانبه.. أكد مدير مشروع تعزيز الأعمال الزراعية في الريف المصري وليد سلام، أن المشروع نجح في تطبيق الممارسات الذكية مناخيا مع المزارعين ومساعدتهم لزيادة إنتاجيتهم وجعلهم أكثر تكيفا مع التغيرات المناخية؛ خاصة ما يتعلق منها بندرة المياه ودرجات الحرارة والأمطار وتغير طبيعة المواسم وانتشار الآفات والأمراض وبالتالي تقليل الانبعاثات الكربونية، مشيرًا إلى تمكن العديد من المزارعين نتيجة لتطبيق توصيات برنامج الزراعة الذكية مناخيا لمحصول القمح من مضاعفة الإنتاجية بنسبة زيادة 48.8% في صعيد مصر ومنطقة الدلتا.. مشيرا إلى أن المزارع الخبير للقمح هو مزارع القمح الذي قام بتطبيق برنامج الزراعة الذكية مناخيا لمحصول القمح الذي قدمه المشروع من خلال الدعم الفني والزيارات الحقلية على مدار موسمين زراعيين متتاليين، واستطاع أن يضاعف إنتاجيته من القمح وكذلك دخل أسرته، كما أن المزارع الخبير للقمح يتمتع بقدرة على التواصل مع جيرانه من مزارعي القمح في المنطقة وشرح التوصيات الفنية لبرنامج الزراعة الذكية مناخيا للقمح من خلال فصول حقلية وتلقي أي استفسارات فنية من خلال مجموعات "الواتس آب"، وكذلك الترابط مع شركات مستلزمات الإنتاج ومقدمي خدمات الميكنة الزراعية.
وأضاف سلام، أن المشروع قام بالتوقيع على اتفاقية تعاون مع الشركة القابضة للصوامع والتخزين لإنشاء 5 صوامع لتخزين القمح منها صومعة بسعة 60 ألف طن في ملوي بالمنيا، وصومعة بسعة 60 ألف طن في جرجا بسوهاج، وصومعة بسعة 10 آلاف طن في زفتى بالغربية، وصومعتين في الشرقية سعة كل منهما 10 آلاف طن.
وتحدثت مدير الاتصالات بالمشروع الدكتورة مي شوقي، عن قوة وسائل الإعلام في نشر المعلومات الزراعية.. مؤكدة أهمية دور الإعلام في التوعية الإعلامية ونقل المعلومة والمعرفة وتشكيل الوعي المجتمعي لضمان الاستدامة، مبينة أن مثلث الاستدامة يشمل الطاقة والمياه والغذاء، وهذا يتحقق من خلال المعرفة والقطاع الخاص والمستقبلين والإعلام.
الأخصائي الزراعي الدكتور سعد عبدالله، أكد أهمية زيادة الجرعة الإرشادية للمزارعين في ظل التغيرات المناخية التي يتعرض لها العالم وأهمية استخدام التقاوي المعتمدة التي تناسب السياسة الصنفية خلال زراعة القمح مع تطبيق برنامج تسميد متكامل، وإذا اهتم كل مزارع مصري بتطبيق السبل الصحيحة للزراعة في هذا المحصول الاستراتيجي، سيتم تحقيق الاكتفاء الذاتي أو الاقتراب من سدة الفجوة، ومصر جديرة بتحقيق هذا الاكتفاء لأنها تزرع القمح منذ أكثر من 7 آلاف سنة من الحضارة.
وقال عبدالله إنه يمكن أن يصل المزارع في إنتاجه في محصول القمح إلى 30 إردبا لكل فدان، مشيرا إلى أنه تم زيادة مساحة الأراضي الزراعية بمحصول القمح من 2.9 مليون فدان إلى 3.9 فدان، وما زالت هناك فجوة استهلاكية ولكن برفع الثقافة الإرشادية للمزارعين سيتم تحسين حجم وجودة محصول القمح ورفع إنتاجيته، مع ضرورة الالتزام بالسياسة الصنفية للتقاوي التي يحددها مركز البحوث الزراعية، التي تناسب كل محافظة بكل إقليم بالجمهورية.
قرية (العضايمة) تجربة تنموية رائدة
تشتهر قرية (العضايمة) بين الأهالي في محافظة الأقصر بأنها "أرض الطيبة والجمال"، إلا أنها تعد من ضمن القرى الأكثر فقراً في صعيد مصر، الأمر الذي شجع "الجمعية القبطية للرعاية الاجتماعية" على اختيارها لتنفيذ مشروع "تطبيقات الزراعة المتجددة لمواجهة آثار التغيرات المناخية"، بتمويل من برنامج المنح الصغيرة، التابع لمرفق البيئة العالمية (GEF/SGP)، لخدمة أهالي القرية، التابعة لمركز إسنا، في جنوب محافظة الأقصر.
وأكد رئيس الجمعية رامى نبيل، أن المشروع يهدف إلى تحسين وصيانة جودة التربة والأراضي الزراعية، وتعزيز الممارسات الزراعية المستدامة، وتمكين السيدات والشباب من اعتماد أساليب الأمن الغذائي والمرونة تجاه تغيرات المناخ، حيث تم تدريب أكثر من 60 سيدة من أهالي قرية (العضايمة)، على تقنيات إعادة تدوير المخلفات الزراعية، وتحويلها إلى منتجات مبتكرة ذات قيمة اقتصادية، كمصدر دخل إضافي لتحسين حياة الأهالي بجانب تنفيذ برنامج تدريبي لعدد 40 مزارعاً حول تقنيات الزراعة المتجددة، ونظم الري الذكية، وتزويدهم بمعلومات علمية حول أنواع المحاصيل المقاومة للجفاف والآفات، وتضمن التدريب كذلك التعرف على تقنيات تحسين إدارة الموارد الطبيعية، مثل الماء والتربة، وتقنيات إعداد الأسمدة العضوية (الكمبوست)، بدلاً من حرق المخلفات الزراعية، كما قدم فريق من الخبراء بعض الحلول التقنية لتحسين جودة التربة وزيادة الإنتاجية، ومتابعة تشغيل أنظمة الري بالطاقة الشمسية، لضمان كفاءة استخدام المياه، وتقليل الأثر البيئي وكذلك تنفيذ منحل لإنتاج العسل في قرية (العضايمة)، بهدف تحسين سبل العيش للمزارعين، من خلال تعزيز وتسويق إنتاج المنحل من العسل المحلي، بالإضافة إلى توفير فرص عمل لأبناء القرية، وتعزيز التنوع البيولوجي والحفاظ على النظم البيئية، حيث يدعم سلاسل الإنتاج المستدامة، فضلاً عن الدور الحيوي للنحل في تلقيح النباتات، مما يعزز إنتاجية وجودة المحاصيل.
مبادرة (تيراميد - TeraMED)
ولأن الطاقة هي العمود الفقري للاقتصاد الحديث، فهي تتيح إمكانية القيام بالاستثمارات وإطلاق الابتكارات والصناعات الجديدة لخلق فرص العمل والنمو الشامل للجميع والرخاء المشترك على كوكب صالح للعيش فيه، فقد أطلقت الشبكة العربية للبيئة والتنمية (رائد) مبادرة غير مسبوقة في منطقة حوض البحر المتوسط، باسم (تيراميد - TeraMED)، تهدف إلى إنتاج (تيراوات) من الطاقة النظيفة، ضمن الهدف العالمي لإنتاج 11 "تيراوات" بحلول عام 2030، وتسريع الانتقال العادل للطاقة المتجددة في منطقة المتوسط بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية والإقليمية لوضع استراتيجية مشتركة لمنطقة المتوسط.
ولمزيد من التفاصيل حول هذه المبادرة المهمة، أوضح المدير التنفيذي لشبكة (رائد) الدكتور عماد عدلي، أن رسالة مبادرة (تيراميد) تؤكد أن تطوير استراتيجية إقليمية لتحقيق انتقال عادل للطاقة، يمكن أن يقود إلى تنمية مستدامة، وزيادة القدرة على الصمود في مواجهة التغيرات المناخية، مما يعزز أمن الطاقة والوصول إليها، فضلاً عن توفير وظائف خضراء جديدة، وتطوير سلاسل توريد محلية، كما أن الوصول إلى سوق طاقة متكامل، يقوم على الطاقة المتجددة بالكامل، يتطلب التزاماً متعدد الأطراف حول أهداف واستراتيجيات مشتركة، ودعم أولويات ومسارات إزالة الكربون الخاصة بكل دولة.
وقال عدلي "تدعو المبادرة دول حوض البحر المتوسط إلى اتخاذ عدد من الإجراءات، تتضمن وضع أهداف وطنية طموحة للطاقة المتجددة، وتعزيز التعاون والدبلوماسية المناخية، وتصميم وتبني تشريعات من شأنها تسهيل وتسريع نشر نظم الطاقة المتجددة المتاحة، وتوسيع وتحديث البنية التحتية لشبكات الكهرباء، وتحسين ظروف السوق وآليات التمويل، وتعزيز مشاركة أصحاب المصلحة من الأطراف المحلية مع العمل على رفع الوعي بين المجتمع المدني والقطاع الخاص، حول السياسات القائمة، والفرص الناتجة عن التحول في مجال الطاقة".. مستعرضا الوضع الحالي لحجم إنتاج الطاقة النظيفة في المنطقة، والذي يصل إلى حوالي 187 جيجاوات، نصيب الدول العربية في جنوب البحر المتوسط منها يبلغ 8 جيجاوات فقط، لافتا إلى أن التقديرات المستقبلية تشير إلى أن الإمكانيات غير المستغلة في منطقة البحر المتوسط، وخاصةً في دول شمال إفريقيا، يمكن أن تشكل نقطة تحول في أمن الطاقة العالمي.
وأشار عدلي إلى أن متوسط الإشعاع الشمسي في منطقة البحر المتوسط يبلغ حوالي 1700 كيلووات في الساعة لكل متر مربع، مما يجعلها من بين أكثر المناطق الواعدة لتطوير الطاقة الشمسية، ويرتفع متوسط الإشعاع الشمسي في دول جنوب البحر المتوسط إلى 1830 كيلووات في الساعة للمتر المربع، مقابل 1480 كيلووات في دول شمال المتوسط، منوها بأن التقديرات المستقبلية تشير إلى أن المنطقة يمكنها إنتاج ما يزيد على 5 تيراوات من الطاقة الشمسية والرياح، يكون نصيب دول الشمال الإفريقي منها 3.5 "تيراوات"، مقابل 1.5 "تيراوات" لدول جنوب أوروبا.
وذكر المدير التنفيذي لشبكة (رائد) أن مبادرة (تيراميد) تستهدف أيضاً توفير حوالي 3 ملايين وظيفة جديدة، من خلال سلاسل التوريد لصناعات الطاقة الشمسية والرياح، بالإضافة إلى منع ما يُقدر بنحو 600 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، ولفت في هذا الصدد إلى أن انخفاض تكلفة تقنيات الطاقة الشمسية والرياح من شأنه أن يساعد في جذب استثمارات تصل إلى 700 مليار دولار لسد الفجوة الحالية، والوصول إلى هدف إنتاج تيراوات من الطاقة المتجددة.
وأضاف عدلي، أن الشبكة العربية للبيئة والتنمية عقدت عددا من حلقة التشاور الوطنية مع منظمات المجتمع المدني بعدد من المحافظات؛ للتعريف بهذه المبادرة المهمة، مشيرا إلى أن منظمات المجتمع المدني تعمل جنباً إلى جنب مع القطاعات الحكومية في الانتقال إلى الطاقة المتجددة، كأحد المسارات الرئيسية لتحقيق معايير الاستدامة، خاصةً في ظل عصر تتفاقم فيه تأثيرات التغيرات المناخية، لذلك لابد من توحيد الجهود في دول المنطقة، عبر الاستفادة من التقدم التكنولوجي، والموارد المتجددة لتحقيق أهداف الطاقة الطموحة، كما يمكن أن يسهم ذلك في تحقيق الاستقرار والأمن والاستدامة على المدى المتوسط والبعيد، إلى جانب التنمية الاجتماعية والاقتصادية في أنحاء منطقة المتوسط، وتوسيع الفوائد المتبادلة، لتشمل أطراف أخرى في إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط.
بدوره.. يؤكد الرئيس التنفيذي لجهاز شؤون البيئة الدكتور علي أبو سنة، أن مبادرة (تيراميد)، التي تم إطلاقها رسمياً خلال فعاليات أسبوع القاهرة للطاقة المستدامة، تتماشى مع الجهود العالمية لمواجهة التغيرات المناخية، بما يحقق العديد من الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية للدول المشاركة.. مشيرا إلى أن تنويع مصادر الطاقة يمثل أحد أكبر التحديات، نظراً لأن الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة يتطلب ظروفاً بيئية محددة، واستثمارات مالية ضخمة، لتوفير التقنيات الحديثة، لاسيما في الدول النامية، التي غالباً ما تعتمد على استيراد هذه التقنيات، وشدد في هذا الصدد على أنه من الضروري ضمان انتقال عادل إلى مصادر الطاقة المتجددة، مع مراعاة أسواق العمل، وتجنب أي اضطرابات في القطاع الاقتصادي، قد تؤدي إلى حدوث تأثيرات اجتماعية.
مشروع (المجتمعات الإنتاجية المرنة)
وتتوالى المشروعات التي تمثل نموذجا رائدا لتحسين جودة الحياة و تعزيز استخدامات الطاقة الجديدة والمتجددة، فعلى مدار 4 أعوام، قدم مشروع (المجتمعات الإنتاجية المرنة) نموذجاً للشراكة الوطنية الحقيقية بين منظمات المجتمع المدني، ممثلةً في الجمعية القبطية للرعاية الاجتماعية، والمكتب العربي للشباب والبيئة، في إطار تنفيذ (رؤية مصر 2030)، من خلال بناء مجتمعات محلية أكثر قدرة على الصمود والتكيف مع أزمة التغيرات المناخية، بالإضافة إلى تمكين المرأة والشباب، وتحسين جودة الحياة في المناطق المستهدفة.
وقال منسق المشروع هيثم اليماني، إن المشروع بدأ تنفيذه في ثلاث مناطق بمحافظتي القاهرة وبني سويف، تم اختيارها بعناية شديدة، باعتبارها من أكثر المناطق احتياجاً، وهي منطقة (مؤسسة الزكاة)، التابعة لحي المرج بالقاهرة، وقريتي (الفنت) و(جليلة)، التابعتين لمركز الفشن في بني سويف، ووضع المشروع، الذي تم تنفيذه بتمويل من الاتحاد الأوروبي، نصب عينيه منذ انطلاقه في عام 2020، أن تكون هذه المناطق نماذج مستدامة يمكن تكرارها في عدد من المحافظات الأخرى، من خلال عقد شراكات مع عدد من المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في المجتمعات المحلية، من ضمنها جمعية (الإخلاص القبطية للتنمية) في محافظة بني سويف، وجمعية (مصر الإرادة) في محافظة القاهرة، وفي سبيله لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، عمل المشروع على تكوين لجان مجتمعية وحكومية في مناطق تنفيذ المشروع، وأسهمت هذه اللجان بدور فعال في اختيار الفئات المستهدفة، ومتابعة تنفيذ أنشطة المشروع، وضمان استدامة الخدمات المقدمة للفئات المستفيدة.
وأشار اليماني إلى أن المشروع وضع هدف تحسين الوضع البيئي والارتقاء بجودة الحياة في المجتمعات المستهدفة على رأس أولوياته، من خلال تنفيذ العديد من الأنشطة في عدة محاور؛ منها تعزيز استخدامات الطاقة الجديدة والمتجددة، وترشيد استهلاك الطاقة، لما لهذه الأنشطة من مردود اقتصادي وبيئي، وتمثل ذلك في تركيب 17 ألف و100 لمبة ليد موفرة للطاقة، موزعة على 3420 أسرة في المناطق المستهدفة، كما تم تركيب 1065 كشاف إنارة ليد للشوارع غير المخدومة، استفاد منها ما يقرب من 39 ألفا و83 شخصاً.
وتضمنت أنشطة المشروع كذلك تركيب 6 ماكينات ري تعمل بالطاقة الشمسية، لخدمة ما يزيد على 40 فداناً من الأراضي الزراعية، استفادت منها 41 أسرة بالمجتمعات الريفية المستهدفة، بالتنسيق مع الإدارات المعنية بوزارتي الري والزراعة، بالإضافة إلى تركيب 5 وحدات ثابتة للطاقة الشمسية على أسطح عدد من المساجد والكنائس والوحدة المحلية بقرية (الفنت)، بطاقة إنتاجية تبلغ 30 كيلووات، وكذلك، تم إنشاء 100 وحدة بيوجاز، بالتنسيق مع مؤسسة الطاقة الحيوية للتنمية المستدامة، لخدمة ما يقرب من 617 شخصاً، من خلال الاستخدام الأمثل للمخلفات الزراعية والحيوانية، وساهم ذلك في الحد من الانبعاثات الحرارية، بالإضافة إلى العائد الاقتصادي نتيجة توفير ثمن استخدام مصادر الطاقة التقليدية، فضلاً عن توفير الأسمدة العضوية، التي أسهمت في زيادة الإنتاجية الزراعية.
كما حرص مشروع المجتمعات الإنتاجية المرنة على تنفيذ عدد من الأنشطة لترشيد استخدام المياه، من خلال تجهيز مساحة تُقدر بنحو 30 فداناً، بشبكات الري بالتنقيط، بالإضافة إلى تنفيذ 126 مشروعاً من المشروعات الخضراء، لخدمة أكثر من 150 شابا وفتاة في المجتمعات المستهدفة، من خلال تبني فكرة ريادة الأعمال، وتقديم البرامج التدريبية والدعم الفني والمالي للمستفيدين، وقد تنوعت هذه المشاريع ما بين إدارة المخلفات الصلبة، والمخلفات الزراعية، والصوب الزراعية، وإعادة تدوير مخلفات الزيوت في إنتاج الصابون، وغيرها من المشروعات الخضراء الأخرى.
وأوضح اليماني، أنه طوال فترة عمل المشروع تم إطلاق 3 مبادرات لتحسين جودة الحياة في المناطق المستهدفة، بناء على اقتراحات من اللجان المجتمعية، تتضمن تركيب 345 فلترًا لتنقية مياه الشرب، يستفيد منها أكثر من 1420 شخصاً من أبناء قرية (الفنت)، بعد رصد إصابة عدد كبير من السكان بأمراض مرتبطة بتلوث مياه الشرب، كما تم إنشاء مظلة مزودة بعدد من المقاعد، على مدخل قرية (جليلة)، لحماية الأهالي، خاصةً الأطفال وكبار السن، من درجات الحرارة المرتفعة، أثناء انتظار وسائل المواصلات الداخلية، بجانب إنشاء بوابة على مدخل القرية، وتشجير المدخل بشكل جمالي، أما المبادرة الثالثة تم إطلاقها في منطقة (مؤسسة الزكاة) بالقاهرة، بالتنسيق مع رئاسة حي المرج، وتشمل أعمال نظافة وتجميل الشارع الرئيسي بالمنطقة، وتم زراعة 700 شجرة (بونساونا)، من خلال المشاركة المجتمعية، بالإضافة إلى أعمال رفع المخلفات وعمل دهانات للجزيرة الوسطى بطول 6 كيلومترات من الشارع.
- مصر
- تغير المناخ
- الذكاء الاصطناعي
- القطاع الخاص
- المجتمع المدني
- منظمات المجتمع المدنى
- الاستثمار
- الطاقة النظيفة
- انبعاثات الكربون
- الطاقة المتجددة
- الريف المصري
- الاستثمارات
- الشركة القابضة
- درجات الحرارة
- دول حوض البحر المتوسط
- البحر المتوسط
- المنطقة العربية
- مصادر الطاقة
- المشروعات الخضراء
- توفير الطاقة
- الري الحديث
- إدارة مياه الأمطار
- زراعة القمح
- تقنيات الذكاء الاصطناعي
- محصول القمح