آثرت ألا أكتب عنه شيئا ولا أري أي مكتوب عن رحيله، عقلي يرفض وقلبي يعتصر ألما وحزنا عليه، ولما لا وهو كان الأب الروحي لكل من يعرفه، بشاشة وجهه وصدق سريرته، لم يكره أحدا على وجه الأرض، مكتبه كان مليئا بالخير والطعام يزود منه كل من مر به، تجده يجلس في زاوية في نهاية غرفة مدون عليها "قسم التحقيقات والسياسي"، لا يدخل الغرفة أي زميل إلا وقطع كل المكاتب وتوجه إلى «الشيخ محمد عبد الجليل».
عاصرته منذ أن وطأت قدماي جريدة الجمهورية العريقة، كان معلما وناصحا أمينا، حريصا على تشجيعنا أنا وكل من حضر للتدريب، وبعد وقت وجدته يدعمني دون أن يخبرني بما يدعم ، ويقول في حقي ما لم أطلبه منه، وكانت كلماته بوابة عبور لي في جريدة الجمهورية واستمراري في القسم السياسي لسنوات وظل يشجعني ويقول لي «نظرتي ليكي من أول يوم لم تخيب ربنا هيكرمك يا بنتي».
أتذكر حرصه على توطيد العلاقات بين الزملاء وفض أي مشاحنة وإزالة أي خلاف، ولقدره الكبير كان الكل يمتثل لكلامه الطيب ونصيحته التي كان الهدف منها إصلاح ذات البين دائما
نرحل ويبقى الأثر، رحلت عنا يا أستاذي العزيز محمد عبد الجليل، وبقي أثرك الطيب، ولمساتك الحنونة على كل من عرفك، وكلامك الطيب لي كلما قابلتك تقول لي «فينك يا بنيتي مش تيجي تسلمي علينا».. يا ليتني لم أترك مرة جئت فيها إلى الجريدة إلا وجئتك وسلمت عليك .. والآن سلامنا لك دائما أن تكون في معية الرحمن، مرافقا للنبي العدنان، قرير العين في جناته العلى تشرب من نهر الكوثر .